قال عبد الرحمن بن محمّد العتائقي ـ عفا الله عنهم ـ : الحكمة في تكرير هذه الآية أحدى وثلاثين مرةً أنّ فائدة التكرير التقرير ، وأمّا هذا العدد الخاصّ فالأعداد توفيقية ، ويمكن أن يقال فيها وجوهاً :
الأوّل : أنّ الله ذكر في السورة المتقدّمة فكيف كان عذابي ونذر أربع مرّات ، مرّة لبيان ما في ذلك الكلام من المعنى وثلاث مرّات للتقرير ، فلمّا ذكر العذاب ثلاث مرّات ، ذكر الآلاء إحدى وثلاثين مرّة ، لبيان ما فيه من المعنى ، وثلاثين مرّة للتقرير ، ليكون الآلاء مذكورة عشرة أضعاف مرّات ، ذكر العذاب إشارةً إلى معنى قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها)(١).
الثاني : أنّ أبواب النار سبعة والله تعالى ذكر سبعة أبواب تتعلّق بالتخويف من النار من قوله : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ)(٢) إلى قوله :
__________________
(الآية ، قاله بعض الأشاعرة من أنّ العذاب على الكفّار نوع من الرحمة ، حيث إذا أخرجهم إلى الجنّة وأدخلهم فيها يكون هو عذاباً لهم ، وليس ذلك بشيء ، لأنّ المقصود من إدخالهم النار ، العذابُ لهم ، فإنّه إن كان ذلك رحمة لهم فكيف يخفق العذاب ، والذي ظهر لي من جواب الإشكال ، أنّ المراد بقوله عزّ وجلّ : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانُِ)التهديد لهم والجزاء لهم ، وهذا نظير قولك لعبدك وهو سرق : أنا أضربك حتّى أرى كيف تسرق ، فيقول عزّ وجلّ : أنا أرسل عليكم النار حتّى أرى كيف تكذّبان بآياتي ، وقال بعض المفسّرين أنّ الآية من باب المشاكلة.
(١) الأنعام : ١٦٠.
(٢) الرحمن : ٣١.