لِيَعْبُدُونِ)(١)٦٩ وقد قال قومٌ في قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) : إنّ معناه لو شاء أن يدخلهم كلّهم الجنّة فيكونوا في وصولهم إلى النعيم أمّة واحدة ، وأجرى هذه الآية مُجرَى قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لآتَيْنا كُلَّ نَفْس هُداها)(٢) أراد هداها إلى طريق الجنّة.
أقول : المعنى هدى على سبيل الجبر والقهر ، وذلك مُحال ، لأنّه ينافي التكليف ، لأنّه اختياريّ.
فعلى هذا التأويل أيضاً يمكن أن يرجع لفظة ذلك إلى إدخالهم أجمعين إلى الجنّة ، لأنّه إنّما خلقهم للمصير إليها ، والوصول إلى نعيمها ، وأمّا قوله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفين) فمعناه الاختلاف(٣) في الدين والذهاب عن الحقِّ فيه بالهوى والشبهات وذكر أبو مسلم بن بحر في قوله : (مختلفين) ، وجهاً غريباً وهو أن يكون معناه خلق هؤلاء الكافرين يخلف سلفهم في الكفر ، لأنّه سواء قولك : خلف بعضهم بعضاً ، وقولك : اختلفوا ، كما سواء قولك : قتل بعضهم بعضاً ، وقولك : واقتتلوا ، ومنه قولهم : لا أفعل كذا ما اختلف العصران والجديدان ، أي جاء كلّ واحد منها بعد الآخر.
قال عبدالرحمن بن محمّد بن العتائقي ـ وفّقه الله لمراضيه ـ : المنتزع لهذه الآيات من كتاب السيّد ـ قدّس الله روحه ـ : اعلم أنّ اختلاف الأمّة ليس
__________________
(١) الذاريات : ٥٦.
(٢) السجدة : ١٣.
(٣) م : (والاختلاف).