تَرَكَتَـنِي فِي الدَّارِ ذَا غُربَة |
|
قَد ذَلَّ مَن لَيسَ لَهُ ناصِرُ(١) |
فقال : ذا غربة ، ولم يقل : ذات ، لأنّه أراد شخصاً ذا غربة ، وقال زياد الأعجم(٢) :
إنَّ الشَّجاعَةَ وَالسَّماحَةَ ضُـمِّنا |
|
قَبراً بِمَروَ عَلَى الطَّريقِ الوَاضِحِ(٣) |
فقال : ضمّنا ، ولم يقل : ضمنتا ، لأنّ السماحة والشجاعة مصدران ، على أنّ قوله : (إلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ) كما يدلّ على رحمة يدلّ على أن يرحم ، فإذا جعلنا الكناية لفظة (ذلك) عن أن يرحم ، كان التذكير في موضعه ، لأنّ الفعل مذكّر ، ويجوز أن يكون قوله : (وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم) كناية عن اجتماعهم على الإيمان وكونهم في أمّة واحدة لا محالة أنّه لهذا خلقهم ويطابق هذه الآية قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ
__________________
(١) لامرأة من العرب ، وقد عزاه ابن سيده (المحكم والمحيط الأعظم : عمر) إلى الأعشى ، مذكّرا بأنّ سياقه يقتضي كون القائل امرأة. فقال : «وإنّما أنشدنا البيت الأوّل لنُعلِم أنّ قائل هذا البيت امرأة». ونسبه ابن عبد ربّه أيضاً إلى أعرابيّة : (العقد الفريد ، ٦ : ٢٣٦).
(٢) هو زياد بن سليمان ـ أو سليم ـ الأعجم ، أبو أمامة العبديّ ، مولى بني عبد القيس المعروف (ت نحو ١٠٠ هـ).
(٣) ديوان زياد الأعجم : ٥٤.