بذلك المبالغة في عظم الأمر وشمول ضرره ، قال جرير(١) :
الشّمسُ طالِعَةٌ لَيسَت بِكاسِفَة |
|
تَبكِي عَلَيكً نُجُومُ اللَّيلِ وَالقَمَرا(٢) |
أقول : التقدير : الشمس طالعة تبكي عليك ليست بكاسفة نجوم الليل والقمر لفقدان ضوئها وعدم إنارتها.
وفي هذا قولهم : لأرينّك الكواكب بالنهار(٣) ، وفي البيت وجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّه أراد أنّ الشمس طالعةٌ وليست مع طلوعها كاسفة نجوم الليل والقمر ، لأنّ عظم الرزيّة سلبها نورها.
والثاني : أن يكون انتصاب ذلك كما في قولهم : لا أكلّمك الأبد والدهر ، أخبر بأنّ الشمس تبكيه ما(٤) طلعت النجوم وظهر القمر.
والثالث : أن يكون القمر والنجوم باكين الشمس على هذا المرثيّ فبكتهنّ أي غلبتهنّ بالبكاء ، كما تقول : باكاني فلان ، فبكيته أي غلبته وفضلت عليه.
__________________
(١) هو جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي ، أبو حزرة ، من تميم. (ت ١١٠ هـ).
(٢) والبيت في ديوانه بشرح محمّد بن حبيب مختلف قليلاً :
فَالشَمسُ كاسِفَةٌ لَيسَت بِطالِعَة |
|
تَبكي عَلَيكَ نُجومُ اللَيلِ وَالقَمَرا |
(ديوان جرير : ٧٣٦).
(٣) ومعناه أورد عليك ما يظلم له فى عينك النهار ، فتظنّه ليلا ذا كواكب. (أمالي المرتضى ، ١ : ٥٣).
(٤) (ما) مصدرية زمانية.