والجواب في قوله : (إلاّ بِإذنِ الله) وجوه :
منها : أن يكون الإذن الأمرَ ، ويكون معنى الكلام أنّ الإيمان لا يقع من أحد إلاّ بعدَ أن يأذن الله فيه ويأمر به ، ولا يكون معناه ما ظنّه السائل من أنّه لا يكون للفاعل فعله إلاّ بإذنه ويجري هذا مجرى قوله : (وَما كانَ لِنَفْس أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله)(١) وإن كان الأشبه في هذه الآية الأخيرة أن يكون المراد بالإذن العلمَ.
منها : أن يكون الإذن هو التوفيقَ والتيسير والتسهيل.
منها : أن يكون الإذن العلمَ من قولهم : «أذنت لكذا وكذا» إذا استمعته وعلمته ، و (أذنت فلاناً بكذا) أي أعلمته ، فيكون فائدة الآية الإخبارَ عن علمه تعالى بسائر الكائنات.
منها : أن يكون الإذن العلمَ ومعناه إعلام الله المكلّفين بفضل الإيمان وما يدعو إلى فعله ، فيكون معنى الآية : وما كان لنفس أن تؤمنَ إلاّ بإعلام الله لها ما يبعثها على الإيمان ويدعوها إلى فعله.
أقول : ويحتمل أن يكون المعنى : وما كان لنفس أن تؤمن إلاّ وقد علم الله أنّها تؤمن من الأزل ، والعلم لا يؤثّر في المعلوم ، فإنّه تعالى يعلم المستقبل والحال والماضي.
__________________
في (بله) مستشهداً بالحديث هذا : البَلَهُ : الغفلة عن الشرّ. رجل أَبْلَهُ ، والبُلْهُ : جماعته. (كتاب العين ، ٤ : ٥٥). (١) آل عمران : ١٤٥.