وكقولهم : «قال الحائط للوتد(١) : لِمَ تشقّني ، قال الوتد : سل من يدقّني». وإنّما هذا القول منهما بلسان الحال لا بلسان المقال.
٦ ـ تأويل آية
قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذينَ لا يَعْقِلُون)(٢).
وظاهر هذا الكلام يدلّ على أنّ الإيمان إنّما كان لهم من فعله بإذنه وأمره وليس هذا مذهبكم ، فإن حمل الإذن هنا على الإرادة اقتضى أنّ من لم يقع منه الإيمان لم يرده الله منه وهذا بخلاف مذهبكم ، ثمّ جعل الرجس الذي هو العذاب على الذين لا يعقلون ، ومن كان فاقداً لعقله لا يكون مكلّفاً ، وهذا بضدّ الخبر المرويّ أنّه قال : «أكثر أهل الجنّة البله»(٣).
__________________
٤٥٤) ، والشارح المعتزلي أورده كأثر في شرح قوله (ع) : (الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْمَاءَ ذَاتَ الْبَيَان) (نهج البلاغة : خ٤) دون العزو إلى قائل. (شرح نهج البلاغة ، ١ : ٢١١) والجاحظ في البيان والتبيين (١ : ٢٥٣) والحيوان (١ : ٢٩) يراه من قصص الفضل بن عيسى بن أبان ، وكذلك أبوهلال ذكره للرقّاشي (كتاب الصناعتين : ١٤) وهو نفس الفضل بن عيسى والكثيرون أوردوا الكلام دون نسبة ، منهم المبرّد في (الكامل في اللغة والأدب ، ١ : ٣٩٩) وابن قتيبة في (عيون الأخبار ، ٢ : ١٩٧).
(١) م : (الودّ) ، الوَدُّ : الوتِدُ إلاّ أَنّه أَدغم التاء في الدال فقال (وَدّ). (لسان العرب : وتد).
(٢) يونس : ١٠٠.
(٣) الحديث لرسول الله (ص) ، كما في أمالي الشريف المرتضى (١ : ٣٨) ؛ قال الخليل