وكأنّك تمرّ على معلّقة من معلّقاتهم وتارة المخضرمين وأخرى المولّدين لأحرزنا حينها ـ مروراً بعصور الشعر ـ أنّه الشاعر الجاهلي والإسلامي المخضرم والمولّد أو (المحدث).
وهذا أنموذج من رائق شعره المتألّق الذي حذا به حذو شعراء الجاهلية في وصفه للذئب من قصيدته التي مطلعها :
أيا حادي الأضعان لم لا نُعرِّس |
|
لعلّك أن تحضى بقربك أنفس(١) |
إلى أن قال في لوحة أدبيّة رائعة :
وليلة بتنا بالثنية سُهَّداً |
|
وما حشوها إلاّ ظلامٌ وحندسُ |
وقد زرانا بعد الهُدُوِّ توصّلا |
|
إلى الزاد غرثان العشيّة أطلسُ |
شديد الطوى عاري الجناجن ما به |
|
من الطُّعم إلاّ ما يُظَنّ ويُحدَسُ |
أتاني مغبرّ السراة كأنّه |
|
من الأرض لولا أنّه يتلمّسُ |
تضاءل في قطريه يكتم شخصه |
|
وأطرق حتّى قلت ما يتنفّس |
وضمَّ إليه حسّه متوجِّساً |
|
وما عنده في الكيد إلاّ التوجُّسُ |
يخادعني من كيده عن مطيّتي |
|
ولم يدر أنّي منه أدهى وأكيسُ |
وأقعى إزاء الرحْلِ يطلبُ غِرَّةً |
|
ويلقي إليه الحرصُ أن سوف أنعسُ |
وما كنت أحميك القِرى لو أردته |
|
برفق ولكن دار منك التغطرسُ |
فلمّا رأى صبري عليه وأنّني |
|
أضِنُّ على باغي خداعي وأنفسُ |
__________________
(١) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ٥٦٣.