عوى ثمّ ولّى يستجير بشدّة |
|
ويطلب بهماً نام عنها المُحَبِّسُ(١) |
الحياة الشعرية للشريف المرتضى :
هي سيرته وأخلاقه وسجاياه ومشاعره وعواطفه وكلّ ما يملكه من نبل وقيم وإحساس نراها طافحةً في ديوانه لائحة أعلامها في شعره وبيانه ، فكلّما قرأنا الديوان وسرنا في ربوعه رأيناه حسن العشرة نقيّ السريرة يحمل مع قوّة شعره الصّدق والوفاء والودّ والإخلاص لكلّ من ألفه وعاشره ، وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعله محبوباً يتشوّق إليه كلّ من تعرّف عليه معزّزاً مكرّماً مبجّلا ، ولعلّ القارئ إذا تطلّع على أوّل قصيدة من الديوان التي يرثي بها الخليفة العبّاسي القادر بالله ويهنّئ بها القائم وقد بويع له بالخلافة ـ وكان الشريف المرتضى أوّل من بايع له ـ أن يحكم عليه أنّه كان شاعراً مقرّباً عند الملوك ولابدّ للشاعر المحبوّ عندهم أن يبلغ بشعره إلى ما يرضيهم ويتقرّب بشعره إليهم في مدحهم ورثائهم وما إلى ذلك من الأساليب التي تنهجها الشعراء عند الخلفاء والملوك ، ولكن للإنصاف كلّما سرنا في شعره وتصفّحنا ديوانه رأينا نفس هذا الأسلوب وهو أسلوب الصدق والوفاء وإسداء المحبّة لكلّ من عاشره الشريف المرتضى بيّناً واضحاً ، فإنّ حمولة الديوان من مراثيه ومدايحه كثيرة ، وتواتر الألفاظ والمعاني وتراكيبها فيه غزيرة فهلمّ نغترف من زلال شعره العذب نميره ، وننشق من ربوع فيحائه عبيره ، فهذه أوّل قصيدة
__________________
(١) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ٥٦٤.