اللغز والنسيب والوصف والوعظ والاعتبار. أجل هو الشاعر المفلّق ذو الشعر المؤلَّق الذي شمّر عن باع وحسَر عن يراع وأبهر في إبداع.
المسلك الشعري :
لقد علّمتنا دواوين الشعر وكتب الأدب أن نتعرّف على المنهج الشعري لكلّ شاعر ومسلكه الأدبي ورويَّته الشعرية التي صار يعرف ويمتاز بها عن الآخرين ، فيقال في أحدهم أنّه في شعره بدويٌّ والآخر حضريٌّ ، وهذا غزليٌّ وذاك حماسيٌّ ، وهذا «يغرف من بحر» لرقّة شعره وذاك «ينحت في صخر» لرصانة شعره ومتانته ، كما قيل ذلك في جرير والفرزدق(١) و... هكذا كلّما تطوّر الشعر في صنائعه فقد امتازت المذاهب والمسالك في بدائعه وصنائعه ، وقد مرّ علينا آنفاً ردّ الشريف المرتضى على قصيدة جرير على نفس المسلك والرويّة وكأنّ جرير عاد لينقض شعره بعد أكثر من ثلاثة قرون ، ولو شئنا أن نستزيد من ديوانه معرفة بأسلوبه ورويّته لزادنا ديوانه دون ملل وكَلل وذلك لمّا سُئل ـ رضي الله عنه ـ إجازة قول النوّاح المرادي :
يا إبلي روحي على الأضيافِ |
|
إن لم يكن فيك غُبوقٌ كافِ |
فأبشري بالقِدْرِ والأثافي |
|
وغارف ومِغرَف جرّافِ |
فقال على تلك الرويّة :
يا إبلي كوني قِرى الأضيافِ |
|
فليس عند الجوف بالإنصافِ |
__________________
(١) تاريخ دمشق : ٤٨ / ١١٦.