بمعارضة شديدة ، ولكنّه كان الفاتح لنقد الشيخ الطوسي والمحطّم للفكر التقليدي الجاف الجامد ، وقد أسدى بذلك خدمة كبرى للطائفة في انفتاح باب الاجتهاد والاعتماد على الفكر الحرّ المشوب بالصدق والصفاء»(١).
المنهج الاستدلالي لابن إدريس ، وأهمّ النتائج لحركته العلمية :
كانت لحركة ابن إدريس العلمية آثار كبيرة على حركة الاجتهاد في القرن السادس الهجري ، والقرون اللاّحقة ، وكان لهذه الحركة منهجها ونتائجها والتي يمكن تلخيصها بما يلي :
أولاً : كسر الجمود الذي كان عليه الفقهاء من تلامذة الشيخ وتلامذتهم ، والقضاء على الركود الذي مني به الفقه الإمامي خلال هذه الفترة ، الذي ربّما لو استمرّ لأدّى إلى انتهاء الاجتهاد وغلق بابه عند الإمامية ، وذلك بما أقدم عليه من إبداء آرائه الفقهية المخالفة لآراء من تقدّمه من الفقهاء ، ومناقشة ومحاكمة آراء الفقهاء السابقين عليه ، فأعاد بهذا إلى الاجتهاد حيويّته ونشاطه ، وفتح المجال رحباً إلى استخدامه(٢).
ثانياً : استخدام القواعد الأُصولية :
كما أنّه ليحافظ على نفس الاتّجاه المعتدل الذي رسمه الشيخ المفيد ، والتزمه من بعده تلامذته كالمرتضى والطوسي وتلامذتهما ، ركّز كثيراً في
__________________
(١) مقدّمة جامع المقاصد ١ / ١٩.
(٢) تاريخ التشريع الإسلامي : ٣٤٤.