معارضة للحقّ ﴿وَيَحْيى مَنْ حَيَ﴾ بروح الإيمان ، وتنوّر قلبه بنور الإسلام ﴿عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ وحجّة واضحة على الحقّ ، وصدق الرّسول ، وصحّة دينه ﴿وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ﴾ لمقال الفريقين ﴿عَلِيمٌ﴾ بضمائرهم وأحوالهم وتدبير امورهم على حسب استحقاقهم.
﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي
الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣)﴾
ثمّ أنّه روي أنّه أرى الله نبيّه صلىاللهعليهوآله كفّار قريش في منامه قليلا ، فأخبر بذلك أصحابه فقالوا : رؤيا النبيّ حقّ ، والقوم قليل ، فصار ذلك سببا لقوّة قلوبهم (١) . فذكّرهم الله تلك النّعمة بقوله : ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً﴾ لتخبر به أصحابك ، فيكون تثبيتا لقلوبهم ، وتشجيعا لهم على قتال عدوّهم ﴿وَلَوْ أَراكَهُمْ﴾ في منامك ﴿كَثِيراً﴾ وأخبرت بكثرتهم أصحابك ﴿لَفَشِلْتُمْ﴾ وجبنتم في حربهم ﴿وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ الذي كنتم فيه من قتالهم ، واختلفت آراؤكم في الثّبات في حربهم والفرار منهم ﴿وَلكِنَّ اللهَ﴾ أنعم عليكم بأن ﴿سَلَّمَ﴾ جمعكم من الفشل والاختلاف في الرّأي والتّنازع والفرار ﴿إِنَّهُ﴾ تعالى ﴿عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ والمكنونات في القلوب ، من قوّة الإيمان وضعفه ، والجرأة والخوف ، والصّبر والجزع.
القمّي رحمهالله : المخاطبة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، والمعنى لأصحابه (٢) .
عن الباقر عليهالسلام : « كان إبليس يوم بدر يقلّل المسلمين في أعين الكفّار ، ويكثّر الكفّار في أعين المسلمين ، فشدّ عليه جبرئيل [ بالسيف ] فهرب منه وهو يقول : يا جبرئيل ، إنّي مؤجّل » (٣) .
﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ
أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)﴾
ثمّ ذكّرهم الله نعمته الاخرى بقوله : ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ﴾ وحين بارزتموهم ﴿فِي أَعْيُنِكُمْ﴾ مع كثرتهم ﴿قَلِيلاً﴾ من حيث العدد تصديقا لرؤيا النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وتقوية لقلوبكم.
عن ابن مسعود : لقد قلّلوا في أعيننا حتّى قلت لرجل إلى جنبي : أتراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة ، فأسرنا رجلا منهم ، فقلنا : كم كنتم ؟ قال : ألفا (٤) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٣ : ٣٥٠.
(٢) تفسير القمي ١ : ٢٧٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٦.
(٣) الكافي ٨ : ٢٧٧ / ٤١٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٦.
(٤) جوامع الجامع : ١٧٠ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٦.