في بيان خمس الغنائم
ثمّ لمّا أمر الله سبحانه بقتال الكفّار أردفه ببيان حكم الغنيمة بقوله : ﴿وَاعْلَمُوا﴾ أيّها المؤمنون ﴿أَنَّما غَنِمْتُمْ﴾ وكلّ الذي أصبتم ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ قليل أو كثير من أموال الكفّار بالقهر والغلبة ، ومن التّجارات والصّناعات والزّراعات ، والكنوز والمعادن ، والغوص في البحار ، على تفصيل مذكور في الفقه ، وعن الصادق عليهالسلام : « هي والله الإفادة يوما بيوم » (١)
﴿فَأَنَّ لِلَّهِ﴾ قيل : إنّ التّقدير : فحكمه أنّ لله ﴿خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى﴾ وهو الإمام إجماعا ﴿وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ من آل هاشم.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « نحن والله [ الذين ] عنى [ الله ] بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله فقال : ف ... لله ... ﴿وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ منّا خاصّة » . قال : « ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا (٢) . أكرم الله نبيّه صلىاللهعليهوآله وأكرمنا أن يطعمنا أو ساخ [ ما في ] أيدي النّاس » (٣) .
وعن الرضا عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية فقيل له : فما كان لله فلمن هو ؟ فقال : « لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وما كان لرسول الله فهو للإمام » . فقيل له : أ رأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقلّ ، فما يصنع به ؟ قال : « ذلك إلى الإمام ، أ رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله كيف يصنع ، أ ليس إنّما كان يعطي على ما يرى ؟ كذلك الإمام » (٤) .
عن أحدهما عليهماالسلام : « خمس الله وخمس الرّسول للإمام ، وخمس ذي القربى لقرابة الرّسول وهي للإمام (٥) ، واليتامي يتامى آل الرّسول ، والمساكين منهم ، وأبناء السّبيل منهم ، فلا يخرج منهم إلى غيرهم» (٦) .
وعن القمّي : فمن الغنيمة يخرج الخمس ، ويقسّم على ستّة أسهم : سهم لله ، [ وسهم لرسول الله ] وسهم للإمام. فسهم الله وسهم الرّسول يرثه الإمام ؛ فيكون للإمام ثلاثة أسهم من ستّة ، والثلاثة الأسهم لأيتام آل الرّسول ومساكينهم وأبناء سبيلهم. وإنّما صارت للإمام وحده من الخمس ثلاثة أسهم ، لأنّ الله تعالى قد ألزمه بما ألزم النبيّ صلىاللهعليهوآله من تربية الأيتام ، و[ مؤن ] المسلمين ، وقضاء ديونهم ، وحملهم في الحجّ والجهاد ، وذلك قول رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا انزل عليه ﴿النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾(٧) ، وهو أب لهم ، فلمّا جعله الله أبا للمؤمنين لزمه ما يلزم الوالد لولده ، فقال
__________________
(١) الكافي ١ : ٤٥٧ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٣.
(٢) في الكافي : لنا سهما في الصدقة.
(٣) الكافي ١ : ٤٥٣ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٤.
(٤) الكافي ١ : ٤٥٧ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٤.
(٥) في التهذيب : الرسول والإمام.
(٦) التهذيب ٤ : ١٢٥ / ٣٦١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٤.
(٧) الأحزاب : ٣٣ / ٦.