﴿وَقاتِلُوهُمْ﴾ أيّها المؤمنون واقتلوهم ﴿حَتَّى﴾ أن ﴿لا تَكُونَ﴾ في الأرض ﴿فِتْنَةٌ﴾ وفساد من الشّرك وقبائح الأعمال ، ويضمحلّ دين الوثنيّة وسائر الأديان الباطلة بسبب انقراض أهلها أو رجوعهم إلى الحقّ ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ﴾ الذي بين النّاس ﴿كُلُّهُ﴾ خالصا ﴿لِلَّهِ﴾ وحده ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾ وارتدعوا عن الأديان الباطلة ، ودخلوا في دين الإسلام ﴿فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فيجازيهم على انتهائهم عن دينهم ، ورجوعهم إلى الحقّ أحسن الجزاء ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ وأعرضوا عن قبول دين الحقّ ﴿فَاعْلَمُوا﴾ أيّها المؤمنون ﴿أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ﴾ وحافظكم في قبالهم ، فلا تبالوا بعدواتهم وكثرتهم وشوكتهم ، وهو ﴿نِعْمَ الْمَوْلى﴾ والحافظ للصّلاح ، فإنّه لا يضيّع من تولّاه واعتمد عليه ﴿وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ والمعين لا يغلب من نصره وأعانه.
الكافي : عن الباقر عليهالسلام : « لم يجىء تأويل هذه الآية بعد ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه ، فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم ، ولكنّهم يقتلون حتّى يوحّدوا الله ، ولا يكون شرك » (١) .
أقول : الظاهر أنّ المراد : رخّص للمؤمنين أخذ الفداء والجزية ، لحاجته وحاجة أصحابه.
وعن العيّاشي : عن الصادق عليهالسلام : « لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغنّ دين محمّد ما بلغ اللّيل ، حتّى لا يكون شرك على وجه الأرض ، كما قال الله تعالى : ﴿يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾(٢) .
وقيل : إنّ المراد من كون الدّين كلّه لله في خصوص أرض الحجاز ، كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآله « لا يجتمع دينان في جزيرة العرب » (٣) .
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى
وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا
يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ
الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ
فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ
وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤١) و (٤٢)﴾
__________________
(١) الكافي ٨ : ٢٠١ / ٢٤٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٣.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٩٣ / ١٧٢٨ ، مجمع البيان ٤ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٣ والآية من سورة النور : ٢٤ / ٥٥.
(٣) تفسير الرازي ١٥ : ١٦٤.