ديات.
ثمّ قالوا : الرأي رأي الشيخ النّجدي. فاجتمعوا ودخل معهم في ذلك أبو لهب عمّ النبي صلىاللهعليهوآله ، ونزل جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأخبره أنّ قريشا اجتمعت في دار النّدوة يدبّرون عليك ، وأنزل عليه في ذلك ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ﴾ إلى آخره. واجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه ، وخرجوا إلى المسجد يصفّرون ويصفّقون.
إلى أن قال : فلمّا أمسى رسول الله صلىاللهعليهوآله جاءوا ليدخلوا عليه ، فقال أبو لهب : لا أدعكم أن تدخلوا عليه باللّيل ، فإنّ في الدّار صبيانا ونساء ، ولا نأمن أن تقع بهم يد خاطئة ، فنحرسه الليلة ، فإذا أصبحنا دخلنا عليه ، فناموا حول حجرة رسول الله ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يفرش له ففرش له ، فقال لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : « أفدني بنفسك » ، قال : « نعم يا رسول الله » ، قال : « نم على فراشي ، والتحف ببردتي » .
فنام علي عليهالسلام على فراش رسول الله صلىاللهعليهوآله والتحف ببردته ، وجاء جبرئيل فأخذ بيد رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخرجه على قريش وهم نيام ، وهو يقرا عليهم ﴿وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾(١) ، وقال له جبرئيل : خذ على طريق [ ثور ، وهو جبل على طريق ] منى له سنام كسنام الثّور ، فدخل الغار وكان من أمره ما كان.
فلمّا أصبحت قريش وثبوا إلى الحجرة وقصدوا الفراش ، فوثب عليّ عليهالسلام في وجوههم فقال : ما « شأنكم » ؟ قالوا : أين محمّد ؟ قال : « أجعلتموني عليه رقيبا ؟ أ لستم قلتم نخرجه من بلادنا ؟ فقد خرج عنكم » ، فأقبلوا يضربون أبا لهب ويقولون (٢) : أنت تخدعنا منذ اللّيلة ، فتفرّقوا في الجبال ، وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له أبو كرز يقفو الآثار ، فقالوا : يا أبا كرز ، اليوم اليوم. فوقف بهم على باب حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : هذه قدم محمّد ، والله لاخت القدم التي في المقام ، وكان أبو بكر استقبل رسول الله صلىاللهعليهوآله فردّه معه ، فقال أبو كرز : وهذه قدم ابن أبي قحافة أو أبيه ، ثمّ قال : وهاهنا عبر ابن أبي قحافة ، فما زال بهم حتّى أوقفهم على باب الغار ، ثمّ قال : [ ما ] جاوزا هذا المكان ، إمّا أن يكونا صعدا إلى السّماء أو دخلا تحت الأرض. وبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار ، وجاء فارس من الملائكة حتّى وقف على باب الغار ، ثمّ قال : ما في الغار أحد ، فتفرّقوا في الشّعاب ، فصرفهم عن رسول الله (٣) .
﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ
__________________
(١) يس : ٣٦ / ٩.
(٢) في النسخة : يضربونه ويقولون.
(٣) تفسير القمي ١ : ٢٧٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٩٢.