التّشريق » . فحجّوا ورجعوا إلى منى ، وكان فيهم ممّن قد حجّ بشر كثير ، فلمّا كان الثاني من أيّام التّشريق قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إذا كان اللّيل فاحضروا دار عبد المطّلب على العقبة ، ولا تنبّهوا نائما ، ولينسلّ واحد فواحد » .
فجاء سبعون رجلا من الأوس والخزرج فدخلوا الدّار ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : « تمنعوني وتجيروني حتّى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة » ، فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام : [ نعم ] يا رسول الله ، اشترط لربّك ولنفسك ما شئت ، فقال : « أمّا ما اشترط لربّي ، فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، واشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون أنفسكم ، وتمنعون أهلي ممّا تمنعون أهليكم وأولادكم » .
فقالوا : فما لنا على ذلك ، فقال : « الجنّة في الآخرة ، وتملكون العرب ، ويدين لكم العجم في الدّنيا ، وتكونون ملوكا في الجنّة » . فقالوا : قد رضينا.
فقال : أخرجوا إليّ [ منكم ] اثني عشر نقيبا يكونون شهداء عليكم بذلك ، كما أخذ موسى عليهالسلام من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا ، فأشار إليهم جبرئيل فقال : هذا نقيب وهذا نقيب ؛ تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس ، فمن الخزرج : سعد بن زرارة ، والبرّاء بن معرور ، وعبد الله بن حزام - أبو جابر بن عبد الله - ، ورافع بن مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمر ، وعبد الله بن رواحة ، وسعد بن الربيع ، وعبادة بن الصامت ومن الأوس : أبو الهيثم بن التيهان ، وهو من اليمن ، واسيد بن حضير (١) ، وسعد بن خيثمة.
فلمّا اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآله صاح إبليس : يا معشر قريش والعرب ، هذا محمّد والصّباة من أهل يثرب على جمرة العقبه يبايعونه على حربكم ، فأسمع أهل منى ، وهاجت قريش فأقبلوا بالسّلاح ، وسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله النّداء فقال للأنصار : « تفرّقوا » ، فقالوا : يا رسول الله ، إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا ، [ فعلنا ] . فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لم اؤمر بذلك ، ولم يأذن الله لي في محاربتم » ، قالوا : أفتخرج معنا ؟ قال : « انتظر أمر الله » ، فجاءت قريش على بكرة أبيها (٢) ، قد أخذوا السّلاح ، وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليهالسلام ومعهما السّيف ، فوقفا على العقبة ، فلمّا نظرت قريش إليهما قالوا : ما هذا الذي اجتمعتم له ؟ فقال حمزة : ما تجمّعنا وما هاهنا أحد ، والله لا يجوز هذه العقبة أحد إلّا ضربته بالسيف.
فرجعوا إلى مكّة وقالوا : لا نأمن أن يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمّد ،
__________________
(١) في النسخة : اسيد بن حصين ، تصحيف ، راجع : اسد الغابة ١ : ٩٢ ، معجم رجال الحديث ٣ : ٢١٢.
(٢) أي جاءوا جميعا.