الحارث بن عبد المطلب ، فقال : كفؤ كريم. [ فقال : ] فمن هذان ؟ فقال : حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب ، فقال : كفؤان كريمان ، لعن الله من أوقفنا وإيّاكم هذا الموقف ، فقال شيبة لحمزة : من أنت ؟ فقال : أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، فقال له شيبة : لقد لقيت أسد الحلفاء ، فانظر كيف تكون صولتك يا أسد الله ؟
فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ففلق هامته ، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعها وسقطا جميعا ، وحمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسّيفين حتّى انثلما وكلّ واحد منهما يتّقي بدرقته ، وحمل أمير المؤمنين عليهالسلام على الوليد بن عتبة فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه. فقال عليّ عليهالسلام : « فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي ، فظننت أن السّماء وقعت على الأرض » .
ثمّ اعتنق حمزة وشيبة فقال المسلمون : يا علي أما ترى الكلب قد بهر (١) عمّك ، فحمل عليه علي عليهالسلام ثمّ قال : « يا عمّ طأطئ رأسك » وكان حمزة أطول من شيبة ، فأدخل حمزة رأسه في صدره ، فضربه أمير المؤمنين عليهالسلام على رأسه فطيّر نصفه ، ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فأجهز عليه ، وحمل عبيدة بين حمزة وعلي حتّى أتوا به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فنظر إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله فاستعبر ، فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وامّي ، أ لست شهيدا ؟ قال : « بلى ، أنت أوّل شهيد من أهل بيتي » ، فقال : أما لو أنّ عمّك كان حيّا لعلم أنّي أولى بما قال منه ، قال صلىاللهعليهوآله : وأيّ أعمامي تعني ؟ قال : أبو طالب ، حيث يقول :
كذبتم وبيت الله نبزى (٢) محمدا |
|
و لمّا نطاعن دونه ونناضل |
و نسلمه حتى نصرّع حوله |
|
و نذهل عن أبنائنا والحلائل (٣) |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أما ترى ابنه كاللّيث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة ؟ » فقال : يا رسول [ الله ] ، أسخطت عليّ في هذه الحالة ؟ فقال : « ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمّي فانقبضت لذلك » .
وقال أبو جهل لقريش : لا تعجلوا ولا تبطروا كما عجل وبطر ابناء ربيعة ، عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا ، وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكّة ، فنعرّفهم ضلالتهم التي كانوا عليها.
وكان فئة (٤) من قريش أسلموا بمكّة فحبسهم آباؤهم ، فخرجوا مع قريش إلى بدر وهم على الشكّ والارتياب والنّفاق ؛ منهم : قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكهة ، والحارث بن ربيعة،
__________________
(١) بهر : أي أجهده حتى تتابع نفسه.
(٢) أي نسلب ، وأراد لا نبزى.
(٣) ديوان أبي طالب عليهالسلام : ٢٥.
(٤) في تفسير القمي : فتية.