عن الباقر عليهالسلام : « وذلك أنّه كان على دين لم يكن عليه غيره ، فكأنّه امّة واحدة » (١) .
وقيل : إنّه امّه لكونه سببا لوجود الامّة الموحّدة (٢) .
وقيل : إنّ الامّة بمعنى المقتدى ، واطلق عليه لأنّه كان إماما يؤتمّ به (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « شيء فضله الله به » (٤) .
وكان ﴿قانِتاً لِلَّهِ﴾ قائما بما أمره. عن الباقر عليهالسلام وابن عبّاس : « يعني مطيعا لله » (٥) وكان عليهالسلام ﴿حَنِيفاً﴾ ومائلا عن سائر الأديان الباطلة إلى ملّة الاسلام ثابتا عليه.
عن الباقر عليهالسلام : « أمّا الحنيف فالمسلم » (٦) .
وعن ابن عباس : أنّه أول من اختتن ، وأقام مناسك الحج وضحّى ، وهذه صفة الحنيفية (٧) .
﴿وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ بل كان رأس الموحّدين صغيرا وكبيرا ﴿شاكِراً﴾ لله و﴿لِأَنْعُمِهِ﴾ معترفا بها.
روي أنّه عليهالسلام كان لا يتغدّى إلّا مع ضيف ، فلم يجد ذات يوم ضيفا فأخر غداءه ، فجاء فوج من الملائكة في زيّ البشر ، فقدّم له الطعام ، فخيّلوا إليه أنّ بهم جذاما ، فقال : الآن وجبت مؤاكلتكم ، شكرا لله على أن عافاني وابتلاكم (٨) .
﴿اجْتَباهُ﴾ الله واختاره للرسالة والخلّة والإمامة ﴿وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ والطريق الواضح الموصل إلى كلّ خير وسعادة ، وفي التوصيفات المذكورة تكذيب لقريش فيما كانوا يزعمون من أنّهم على ملّة إبراهيم.
﴿وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ
أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٢) و (١٢٣)﴾
ثمّ بيّن سبحانه تشريفاته عنده بقوله : ﴿وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا﴾ مثوبة ﴿حَسَنَةً﴾ من الذكر الجميل ، والثناء بين الناس ، والعمر الطويل ، وكثرة النّسل ، وكون الأنبياء من ذرّيته ، وكون خاتم الأنبياء وأوصيائه الطيبين من نسله ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ وذوي الدرجات العالية في أعلى
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٩٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٦١.
(٢ و٣) تفسير الرازي ٢٠ : ١٣٤.
(٤) تفسير العياشي ٣ : ٢٨ / ٢٤٤٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٦١.
(٥) تفسير القمي ١ : ٣٩٢ ، تفسير الرازي ٢٠ : ١٣٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١٦١.
(٦) تفسير القمي ١ : ٣٩٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٦١.
(٧) تفسير الرازي ٢٠ : ١٣٥.
(٨) تفسير الرازي ٢٠ : ١٣٥ ، تفسير روح البيان ٥ : ٩٤.