فهو عبد الله [ بن سعد ] بن أبي سرح بن الحارث بن لؤي (١) ، وكان عاملا لعثمان بن عفّان على مصر(٢) .
وعن ( الكافي ) : قيل للصادق عليهالسلام : إنّ الناس يروون أن عليا عليهالسلام قال على منبر الكوفة : « أيّها الناس ، إنّكم ستدعون إلى سبيّ فسبّوني ، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي فلا تبرءوا منّي » .
فقال عليهالسلام : « ما أكثر ما يكذب الناس على عليّ عليهالسلام ! » ثمّ قال : إنّكم ستدعون إلى سبّي فسبّوني ، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي وأنا لعلى دين محمّد ، ولم يقل : فلا تبرءوا منّي » .
فقال له السائل : [ أ رأيت ] إن اختار القتل دون البراءة ؟ فقال : « والله ما ذاك عليه وما له إلّا ما مضى عليه عمّار بن ياسر حيث اكره وقلبه مطمئن بالإيمان ، فأنزل الله فيه ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ﴾ فقال له النبي صلىاللهعليهوآله عندها : يا عمّار ، إن عادوا فعد فقد أنزل الله عندك ، وأمرك أن تعود إن عادوا » (٣) .
وعنه عليهالسلام ، أنّه سئل : مدّ الرقاب أحبّ إليك أم البراءة من عليّ ؟ فقال : « الرّخصة أحب إليّ ، أما سمعت قول الله في عمّار : ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ﴾(٤) .
﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكافِرِينَ * أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ
هُمُ الْغافِلُونَ * لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٧) و (١٠٩)﴾
ثمّ ذكر الله علّة الارتداد مع وضوح الحقّ بقوله : ﴿ذلِكَ﴾ الارتداد ﴿بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا﴾ وشهواتها وآثروها ﴿عَلَى﴾ نعم ﴿الْآخِرَةِ﴾ والجنة الباقية ﴿وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي﴾ ولا يوفّق ﴿الْقَوْمَ الْكافِرِينَ﴾ للتديّن بدين الحقّ ، لخبث ذاتهم ، ورسوخ حبّ الدنيا في قلوبهم.
ثمّ بيّن أنّه تعالى لا يكتفي في حقّهم بالكفّ عن توفيقهم للثبات على الايمان ، بل يخذلهم ويميت قلوبهم [ الموت ] الملازم لعدم العقل والصّمم والعمى بقوله : ﴿أُولئِكَ﴾ المحبّون للدنيا ومؤثورها على الآخرة هم ﴿الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ﴾ وختم ﴿عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ﴾ فلا يعقلون شيئا من الحقّ ، ولا يسمعون النّصح والوعد والوعيد ، ولا يبصرون الآيات والمعجزات.
عن الصادق عليهالسلام : « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يدعو أصحابه ، فمن أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه ، ومن أراد به شرّا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل ، وهو قوله تعالى : ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٩٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٧.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٩١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٧.
(٣) الكافي ٢ : ١٧٣ / ١٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٧.
(٤) تفسير العياشي ٣ : ٢٥ / ٢٤٣٣ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٨.