في القلب ﴿عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ ويحبّونه ويطيعونه ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ﴾ تعالى ، أو بسبب الشيطان ﴿مُشْرِكُونَ﴾ في الاولوهية والعبادة.
عن الباقر عليهالسلام : « يسلّط والله من المؤمن على بدنه ولا يسلّط على دينه ، قد سلّط على أيوب فشوّه خلقه ، ولم يسلّط على دينه » . [ قلت : قوله تعالى : ﴿إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾] قال : « الذين هم بالله مشركون : يسلّط على أديانهم وعلى أبدانهم » (١) .
وعنه عليهالسلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « ليس له أن يزيلهم عن الولاية ، فأما الذنوب وأشباه ذلك ، فانّه ينال منهم كما ينال من غيرهم » (٢) .
﴿وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ
لا يَعْلَمُونَ (١٠١)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذكر القرآن ، ذكر طعن المشركين فيه بقوله : ﴿وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ﴾ عن ابن عباس : أنّه كان إذا نزلت آية على رسول الله صلىاللهعليهوآله فيها شدّة ، أخذ الناس بها وعملوا ما شاء الله أن يعملوا ، فيشقّ ذلك عليهم ، فينسخ الله هذه الشدّة ويأتيهم بما هو ألين منها وأهون عليهم رحمة من الله تعالى ، فيقول لهم كفّار قريش : إنّ محمّدا يسخر بكم ، يأمركم اليوم بأمر وينهاكم عنه غدا ، ويأتيكم بما هو أهون عليكم ، وما هو إلّا مفتر يقوله من تلقاء نفسه ، والمعنى : إذا أنزلنا آية من القرآن مكان آية منه وجعلناها بدلا منها بأن نسخناها (٣) .
ثمّ أنّه تعالى قبل نقل كلامهم بادر في الجواب عنه بقوله : ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ﴾ من الناسخ والمنسوخ ، والتغليظ والتخفيف ، وما هو مصالح العباد ، فما بال هؤلاء المشركين حيث ﴿قالُوا﴾ إذا رأوا التبديل ﴿إِنَّما أَنْتَ﴾ يا محمّد ﴿مُفْتَرٍ﴾ على الله بدعوى نزوله منه ، وكاذب في هذه النسبة ، فانّ بعضهم ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ حقيقة القرآن وحقانيته وفائدة نسخ الأحكام وتبديلها ، وإنّه لمصالح العباد التي تتغيّر بتغيّر الزمان ، وأمّا القليل الذي يعلمه فانّما يجحده لعناده ولجاجه.
﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى
لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ
أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ * إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ
__________________
(١) تفسير العياشي ٣ : ٢٣ / ٢٤٢٥ ، والكافي ٨ : ٢٨٨ / ٤٣٣ ، وتفسير الصافي ٣ : ١٥٥ ، عن الصادق عليهالسلام.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٢٤ / ٢٤٢٨ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٥.
(٣) تفسير روح البيان ٥ : ٨١.