وقيل : إنّ الحياة الطيبة هو الرزق الحلال (١) . وقيل : هي عبادة الله والرزق الحلال (٢) . وقيل : هي حياة البرزخ (٣) . وقيل : حياة الآخرة (٤) .
ثمّ وعدهم الأجر العظيم فيها بقوله : ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ من العبادات الخالصة عن شوب الرياء والعجب والهوى.
﴿فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨)﴾
ثمّ لمّا كانت تلاوة القرآن من أحسن الأعمال ، إذا كانت خالصة من الرياء والعجب الحاصلين بوساوس الشيطان ، بيّن الله طريق الخلاص منها بقوله : ﴿فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ﴾ يا محمّد ، أو يا إنسان ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾ والتجأ إليه ﴿مِنَ﴾ وساوس ﴿الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾ والمطرود من الرحمة.
روت العامة عن ابن مسعود ، قال قرأت على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : أعوذ بالله السميع (٥) العليم من الشيطان الرجيم. فقال : « قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، هكذا أقرانيه جبرئيل عن القلم عن اللوح المحفوظ » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام [ قيل له : ] كيف أقول ؟ قال : « تقول : أعوذ (٧) بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم » وقال : « الرجيم أخبث الشياطين » (٨) .
وعن [ حنان بن ] سدير قال : صلّيت خلف أبي عبد الله [ المغرب ] فتعوّذ بإجهار : « أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وأعوذ بالله أن يحضرون » ثمّ جهر ب( بسم الله الرحمن الرحيم ) (٩) .
﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّما سُلْطانُهُ
عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (٩٩) و (١٠٠)﴾
ثمّ نبّه سبحانه على فائدة الاستعاذة بقوله : ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ﴾ بالولاية والأمر ﴿عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بتوحيد الله ﴿وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ فانّهم لا يؤثّر فيهم أمره وتسويله ، وفيه إشعار بعدم فائدة الاستعاذة القولية ما لم يكن معها استعاذة (١٠) قلبية ﴿إِنَّما سُلْطانُهُ﴾ واستيلاؤه بالتسويل والدعوة المؤثرة
__________________
(١ و٢) تفسير الرازي ٢٠ : ١١٢.
(٣) تفسير الرازي ٢٠ : ١١٣.
(٤) تفسير الرازي ٢٠ : ١١٣ ، تفسير البيضاوي ١ : ٥٥٦.
(٥) في تفسير البيضاوي وأبي السعود : أعوذ بالسميع.
(٦) تفسير البيضاوي ١ : ٥٥٧ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٤٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٥.
(٧) في تفسير العياشي : استعيذ.
(٨) تفسير العياشي ٣ : ٢٣ / ٢٤٢٦ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٥.
(٩) قرب الاسناد : ١٢٤ / ٤٣٦ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٥.
(١٠) في النسخة : استفادة.