صفة الشهيد أنّه من أنفسهم (١) . وفيه أنّه خلاف للظاهر الذي هو كالصريح في الآية خصوصا مع قوله: ﴿وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ﴾
ثمّ بيّن سبحانه عظمة شأن الرسول صلىاللهعليهوآله الذي هو الشهيد عليهم بنزول القرآن عليه بقوله : ﴿وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ﴾ العظيم الكامل في الكتابية بحيث يحقّ أن يخصّ به اسم الكتاب لكونه ﴿تِبْياناً﴾ وإيضاحا وافيا ﴿لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من امور الدين ، أو لكلّ ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة ، أو لكلّ شيء من امور الدين والدنيا والآخرة ، وما كان وما يكون وما هو كائن ، كما هو الحقّ ، وإنّما يستفيد منه الراسخون في العلم الذين نزل في بيوتهم وهم النبيّ والمعصومون عليهمالسلام من ولده.
عن الصادق عليهالسلام ، قال : « قال الله لموسى عليهالسلام : ﴿وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾(٢) فعلمنا أنّه لم يكتب له الشيء كلّه ، وقال الله لعيسى : ﴿وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾(٣) . وقال لمحمد صلىاللهعليهوآله صلىاللهعليهوآله : ﴿وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾(٤) .
وعنه عليهالسلام : « أنّي لأعلم ما في السماوات وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة ، وأعلم ما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون » ثمّ سكت هنيئة فرأى أنّ ذلك كبر على من سمعه منه ، فقال : « علمت ذلك من كتاب الله عزوجل ، إن الله يقول : « فيه تبيان كل شيء » (٥) .
وعنه عليهالسلام : « نحن والله نعلم ما في السماوات وما في الأرض ، وما في الجنة وما في النار ، وما بين ذلك » ثمّ قال : « إنّ ذلك في كتاب الله » ثمّ تلا هذه الآية (٦) .
وعنه عليهالسلام : « أن الله أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء ، حتى والله ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد حتّى لا يستطيع عبد يقول : لو كان هذا [ انزل ] في القرآن إلا [ وقد ] أنزله الله فيه » (٧) . إلى غير ذلك من الروايات الدالّة على أنّ في القرآن بيان كلّ شيء.
ثمّ لمّا كان أهمّ الامور فائدة الهداية إلى الحقّ بالغ في توصيفه بها بحيث جعله عينها بقوله : ﴿وَهُدىً﴾ من الضلالة إلى الحقّ ، لاشتماله على المعارف الالهية بأكمل وجه ، وعلى الأحكام الأخلاقية والعملية بأتمّ التفصيل ، ﴿وَ﴾ ليكون ﴿رَحْمَةً﴾ للعالمين وفضلا على الخلق أجمعين ، وإنما يكون حرمان الكفار بسبب تفريطهم وتقصيرهم ، ﴿وَ﴾ ليكون ﴿بُشْرى﴾ بالفيوضات الدنيوية
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٠ : ٩٩.
(٢) الأعراف : ٧ / ١٤٥.
(٣) الزخرف : ٤٣ / ٦٣.
(٤) تفسير العياشي ٣ : ١٩ / ٢٤١٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥١.
(٥) الكافي ١ : ٢٠٤ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥١ ، في المصحف : تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [ النحل : ١٦ / ٨٩ ] ولعله نقل بالمعنى.
(٦) تفسير العياشي ٣ : ١٨ / ٢٤١٦ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥١.
(٧) الكافي ١ : ٤٨ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥١.