﴿نَدْعُوا﴾ هم ونعبدهم ﴿مِنْ دُونِكَ﴾ وممّا سواك ، فأنطق الله الأصنام ﴿فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ﴾ وأجابوهم بالكلام ، وقالوا : ﴿إِنَّكُمْ﴾ في دعوى عبادتكم إيانا والله ﴿لَكاذِبُونَ﴾ بل عبدتم أهواءكم ، أو لكاذبون في دعوى أننا شركاء الله في المعبودية واستحقاق العبادة ﴿وَأَلْقَوْا﴾ اولئك المشركون ﴿إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ﴾ والانقياد لربوبيته وأمره وأحكامه بعد ما كانوا في الدنيا مستكبرين ومستنكفين عنه ﴿وَضَلَ﴾ وضاع ﴿عَنْهُمْ ما كانُوا﴾ في الدنيا ﴿يَفْتَرُونَ﴾ على الله من أنه راض بعبادة الأصنام ، وأنّه يقبل شفاعتهم في حقّ عبادهم وقيل : يعني ذهب [ عنهم ] ما زيّن لهم الشيطان من أنّ لله شريكا وصاحبة وولدا (١) .
﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا
يُفْسِدُونَ (٨٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد تهديد المشركين ، هدّد الصادّين منهم عن سبيل الله بقوله : ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا﴾ الناس ومنعوهم ﴿عَنْ﴾ سلوك ﴿سَبِيلِ اللهِ﴾ والدخول في دين الاسلام ﴿زِدْناهُمْ﴾ في جهنم ﴿عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ﴾ لأنّهم زادوا على ضلال أنفسهم إضلال غيرهم ، فعليهم مثل عذاب أتباعهم ﴿بِما كانُوا يُفْسِدُونَ﴾ في الأرض بترويج الباطل وتشييد الكفر ودعوة الناس إليه.
القمي ، قال : كفروا بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وصدّوا عن أمير المؤمنين عليهالسلام (٢) .
أقول : هذا تأويل لا تفسير.
عن ابن عبّاس ، قال : المراد بتلك الزيادة خمسة أنهار من نار تسيل من تحت العرش يعذّبون بها ثلاثة على مقدار الليل ، واثنان على مقدار النهار (٣) .
وقيل : زدناهم عذابا بحيّات وعقارب كأمثال البخت (٤) لكلّ عقرب ثلاثمائة فقرة ، في كلّ فقرة ثلاثمائة قلّة (٥) من سمّ ، ولها انياب كالنّخل الطّوال ، فيستغيثون بالهرب منها إلى النار (٦) .
وعن ابن جبير ، قال : زيادة عذابهم هي عقارب أمثال البغال ، وحيّات أمثال البخت ، تلسع إحداهنّ اللّسعة فيجد صاحبها حمتها (٧) أربعين خريفا (٨)
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٠ : ٩٧.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٨٨ ، تفسير الصافي ٣ : ١٥٠.
(٣) تفسير الرازي ٢٠ : ٩٨ ، تفسير روح البيان ٥ : ٦٩.
(٤) البخت : الإبل الخراسانية.
(٥) القلّة : إناء من الفخّار يشرب منه.
(٦) تفسير الرازي ٢٠ : ٩٨.
(٧) الحمة : سمّ كلّ شيء يلدغ أو يلسع ، والإبرة التي تضرب بها العقرب والزّنبور ونحوهما.
(٨) تفسير روح البيان ٥ : ٦٩ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٣٥ ، ولم ينسبه إلى ابن جبير.