خزاعة وكنانة على ما قيل (١) . والقمي : هم قريش (٢) .
ثمّ نزّه سبحانه ذاته المقدسة عن ذلك بقوله : ﴿سُبْحانَهُ﴾ وتقدّس من تلك النسبة ، وقيل : إنّ المراد منه إظهار التعجّب من هذا القول الشنيع (٣) .
ثمّ كأنّه قال سبحانه : كيف يجعلون لله البنات اللاتي هم يكرهونهنّ ﴿وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ﴾ من البنين؟!
﴿وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ
سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَ يُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٥٨) و (٥٩)﴾
ثمّ بيّن سبحانه شدّة كراهتهم لهنّ بقوله : ﴿وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى﴾ وأخبر بولادتها له ﴿ظَلَ﴾ وصار أو دام نهاره كلّه ﴿وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ من شدّة الغمّ وتشويش الخاطر والحياء من النّاس ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ ومملوء غيظا على امرأته لأجل ولادتها ، هذا حاله ، وأمّا عمله فهو أنّه ﴿يَتَوارى﴾ ويختفي ﴿مِنَ الْقَوْمِ﴾ الذي هو فيهم ﴿مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ﴾
قيل : كان الرجل في الجاهلية إذا ظهر آثار الطّلق بامرأته توارى واختفى عن القوم إلى أن يعلم ما يولد له ، فإن كان ذكرا ابتهج به ، وإن كان انثى حزن ولم يظهر للناس أياما ، يدبّر فيها أنه ما يصنع بما ولد له (٤)﴿أَ يُمْسِكُهُ﴾ ويبقيه ﴿عَلى هُونٍ﴾ وإذلال له.
عن ابن عبّاس : معناه أنّه يمسكها مع الرضا بهوان نفسه وعلى رغم أنفه (٥) .
﴿أَمْ يَدُسُّهُ﴾ ويستره ﴿فِي التُّرابِ﴾ قيل : إنّ العرب (٦) كانوا يحفرون حفيرة ويجعلونها فيها حتى تموت (٧) .
وروي أن قيس بن عاصم قال : يا رسول الله ، إنّي واريت ثماني بنات في الجاهلية ؟ فقال صلىاللهعليهوآله : « أعتق عن كلّ واحدة منهنّ رقبة » (٨) .
ثمّ أعلن سبحانه نسبة البنات إليه مع أبائهم عن نسبتها إلى أنفسهم بقوله : ﴿أَلا﴾ تنبهوا أيّها العقلاء
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٠ : ٥٤ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٢١ ، تفسير روح البيان ٥ : ٤٣.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٨٦ ، تفسير الصافي ٣ : ١٤٠.
(٣) تفسير أبي السعود ٥ : ١٣١.
(٤ و٥) تفسير الرازي ٢٠ : ٥٥.
(٦) وأد البنات ليست من العادات المتفشية عند جميع عرب الجاهلية ، بل هي خاصة بمضر وخزاعة وتميم دون باقي القبائل. راجع : تفسير القرطبي ١٠ : ١١٧.
(٧ و٨) تفسير الرازي ٢٠ : ٥٥.