أَيْمانِهِمْ﴾ قال : إنّ المشركين يزعمون ويحلفون بالله أنّ الله لا يبعث الموتى. فقال : « تبا لمن قال هذا ، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزّى ؟ » .
قال : قلت : جعلت فداك ، فأوجدنيه. فقال : « يا أبا بصير ، لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا (١) ، سيوفهم على عواتقهم ، فيبلغ [ ذلك ] قوما من شيعتنا لم يموتوا ويقولون : بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم ، فيبلغ ذلك قوما من عدوّنا فيقولون : يا معشر الشيعة ، ما أكذبكم ! هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب ؟ لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة. [ قال : ] فحكى الله قولهم فقال : ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ﴾(٢)
وفي رواية العياشي عنه عليهالسلام ما يقرب من ذلك (٣) .
والقمي عنه عليهالسلام أنّه قال : « ما يقول هؤلاء في هذه الآية » ؟ قيل : يقولون نزلت في الكفّار. قال : « إنّ الكفار لا يحلفون بالله ، وإنّما انزلت في قوم من أمّة محمّد قيل لهم : ترجعون بعد الموت قيل يوم القيامة ، فيحلفون أنّهم لا يرجعون ، فردّ الله عليهم فقال : ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ﴾ يعني في الرجعة يردّهم فيقتلهم ويشفي صدور قوم مؤمنين » (٤) .
أقول : الظاهر أنّ المراد في الروايات بيان تأويل الآية ، والمراد من قوله : « تبا لمن قال هذا » يعني قال بانحصار المراد فيه.
﴿وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ
الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه سوء عقائد المشركين ، أشار إلى سوء معاشرتهم للمسلمين وإيذائهم لهم ، ورغّبهم في الهجرة من بلادهم بقوله : ﴿وَالَّذِينَ هاجَرُوا﴾ من مكة وأوطان المشركين من المسلمين ﴿فِي﴾ سبيل ﴿اللهِ﴾ وطلبا لرضاه ، وحفظا لدينه ﴿مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا﴾ واوذوا في سبيلي ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ ولننزلنّهم ﴿فِي الدُّنْيا﴾ مباءة (٥) ومنزلة ﴿حَسَنَةً﴾ مرضيّة. قيل : هي المدينه المنورة حيث آواهم أهلها ونصروهم (٦) .
روي عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في ستة نفر من الصحابة : صهيب ، وبلال ، وعمّار ، وخبّاب ،
__________________
(١) زاد في الكافي : قباع ، وفي الصافي : قبايع ، والمراد جمع قبيعة : وهي ما على طرف مقبض السيف من فضّة أو ذهب.
(٢) الكافي ٨ : ٥٠ / ١٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣٥.
(٣) تفسير العياشي ٣ : ٩ / ٢٣٨٥.
(٤) تفسير القمي ١ : ٣٨٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣٥.
(٥) في النسخة : مبواتا.
(٦) تفسير الرازي ٢٠ : ٣٤ ، تفسير روح البيان ٥ : ٣٦.