فخوّف الله الماكرين القائلين للقرآن العظيم أساطير بأنّه سيأتيهم من العذاب مثل ما أتاهم وهم لا يحتسبون إتيانه ، بل يتوقّعون ما يشتهون.
﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ (٢٧)﴾
ثمّ هدّدهم بالعذاب الاخروي بقوله : ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ﴾ ويذلّهم بالعذاب ، أو يفضحهم على رؤوس الأشهاد بأن يخاطبهم ﴿وَيَقُولُ﴾ لهم تفضيحا وتقريعا واستهزاء : ﴿أَيْنَ﴾ الذين هم ﴿شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تُشَاقُّونَ﴾ وتخاصمون أنبيائي وأوليائي ﴿فِيهِمْ﴾ وفي الوهيتهم مع أنّهم أقاموا البراهين على عدم جواز عبادتهم ، فاليوم أدعوهم ليشفعوا لكم (١) ، ويدفعوا العذاب عنكم ؟ فلم يقدروا على الجواب ، فعند ذلك ﴿قالَ﴾ الملائكة كما عن ابن عبّاس ، أو المؤمنون أو الأنبياء (٢)﴿الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ بالتوحيد والمعارف في الدنيا بالبراهين والمكاشفة توبيخا عليهم وشماتة لهم وتقريرا لما كانوا يهدّدونهم به : ﴿إِنَّ الْخِزْيَ﴾ والفضيحة والهوان ﴿الْيَوْمَ وَالسُّوءَ﴾ والعذاب ﴿عَلَى الْكافِرِينَ﴾ بالله وبآياته ورسله.
القميّ : الذين اوتوا العلم الأئمة عليهمالسلام ، يقولون لأعدائهم : أين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا (٣) .
﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ
بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها
فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٨) و (٢٩)﴾
ثمّ خصّ سبحانه المستحقّين للخزي والعذاب بالذين يموتون على الكفر بقوله : ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ﴾ وتقبض أرواحهم ﴿الْمَلائِكَةُ﴾ الموكلون على قبض الأرواح ، أو على تعذيب العصاة حال كونهم ﴿ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ باختيار الكفر وتعريضها للعذاب ﴿فَأَلْقَوُا السَّلَمَ﴾ وأظهروا الانقياد وأقرّوا لله بالعبودية وقالوا كذبا وتخليصا لأنفسهم : ﴿ما كُنَّا﴾ في الدنيا ﴿نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾ ونقول بالشرك. فقال الله ، أو الملائكة ردّا عليهم : ﴿بَلى﴾ قلتم بالشرك و﴿إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الشرك وتكذيب الرسل ، فيجازيكم عليه أشدّ الجزاء ، ولا ينفعكم هذا الكذب.
__________________
(١) في النسخة : ليشفعوكم.
(٢) تفسير الرازي ٢٠ : ٢١.
(٣) تفسير القمي ١ : ٣٨٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣٢.