عن الباقر عليهالسلام ، قال : ﴿ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ في عليّ ؟ ﴿قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم [ فذلك قوله ﴿أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ وأما قوله ]﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ ليستكملوا الكفر يوم القيامة ﴿وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ﴾ يعني [ يتحمّلون ] كفر الذين يتولّونهم » (١) .
والقمي رحمهالله : يحملون آثامهم - يعني الذين غضبوا أمير المؤمنين عليهالسلام - وآثام كلّ من اقتدى بهم(٢) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أيّما داع دعا إلى الهدى فاتّبع ، فله مثل اجورهم من غير أن ينقص من اجورهم شيء ، وإيّما داع دعا إلى ضلالة فاتّبع عليه ، فانّ عليه مثل أوزار من أتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم [ شيء ] » (٣) .
﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ
مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٦)﴾
ثمّ هدّد سبحانه الماكرين برسوله صلىاللهعليهوآله بمثل ما نزل على الامم السابقة الذين مكروا برسلهم من العذاب الدنيوي بقوله : ﴿قَدْ مَكَرَ﴾ الكفّار ﴿الَّذِينَ﴾ كانوا ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ في الدنيا برسلهم ﴿فَأَتَى اللهُ﴾ بزلازل شديدة ﴿بُنْيانَهُمْ﴾ الذي بنوه ليمكروا به أنبياءهم فقلعه ﴿مِنَ الْقَواعِدِ﴾ والأساطين ﴿فَخَرَّ﴾ وسقط ﴿عَلَيْهِمُ السَّقْفُ﴾ الذي كان لذلك البنيان ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ فلهكوا جميعا بحيث لم ينج منهم أحد ﴿وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾ ومن وجه لا يتوقّعون.
قيل : إنّ المراد نمرود ، فإنّه بنى صرحا وقصرا عظيما ببابل طوله خمسة آلاف ذراع ، وعرضه فرسخان ، ليقابل (٤) عليه من في السماء ويطّلع على إله إبراهيم ، فهبّت عليه ريح هائلة فألقت رأسه في البحر ، وخرّ الباقي عليهم ، فلمّا سقط الصّرح تبلبلت الألسن من الفزع يومئذ ، يعني اختلفت اللغات فلم يفهم أحد لسان الآخر (٥) .
وقيل : إنّ الله شبّه حال أولئك الماكرين في تسويتهم المكائد والمنصوبات التي أرادوا بها الايقاع بالرسل ، وفي إبطاله تعالى تلك الحيل والمكائد ، وجعله إيّاها سببا لهلاكهم ، بحال قوم بنوا بنيانا وعمّدوه بالأساطين ، فأتى ذلك من قبل أساطينه بأن ضعضعت ، فسقط عليهم السقف فهلكوا (٦) ،
__________________
(١) تفسير العياشي ٣ : ٧ / ٢٣٧٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣١.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٨٣ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣١.
(٣) مجمع البيان ٦ : ٥٤٩ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣١.
(٤) في تفسير روح البيان : ليقاتل.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٢٧.
(٦) تفسير أبي السعود ٥ : ١٠٨.