كافرة ﴿وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ يعني عن ولاية عليّ عليهالسلام ﴿إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ﴾ يعني عن ولاية علي عليهالسلام » (١) .
العياشي : مرّ الحسين بن علي عليهماالسلام على مساكين قد بسطوا كساء لهم ، وألقوا [ عليه ] كسرا ، فقالوا له : هلمّ يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فثنى وركه فأكل معهم ، ثمّ تلا ﴿إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ﴾(٢).
وعن الصادق عليهالسلام : « من يرى أنّ له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين » فقيل : إنّما يرى أنّ له فضلا عليه بالعافيّة إذا رآه مرتكبا للمعاصي ؟ فقال : « هيهات هيهات ، فلعلّه أن يكون قد غفر له ما أتى وهو موقوف يحاسب ، أما تلوت قصة سحرة موسى ؟ » (٣) .
﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ * لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً
يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٢٤) و (٢٥)﴾
ثمّ حكى سبحانه بعض شبهات المشركين بقوله : ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ﴾ استهزاء بالقرآن ﴿ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ وأيّ شيء هذا القرآن الذي جاء به محمّد صلىاللهعليهوآله ، وتحدّى به ، وجعله دليلا على رسالته ، والقائل بعض المشركين. وقيل : إنّه بعض المسلمين (٤) . وقيل : إنّه بعض الوفد من الحاجّ ، قالوا للمقتسمين الذين قعدوا في طرق مكّة لينفّروا الناس عن الرسول صلىاللهعليهوآله (٥) . والمراد أنّه ما هذا الذي يقال إنّه أنزله ربكم ؟
﴿قالُوا﴾ إضلالا لهم : ليس هو ممّا أنزله الله ، ولا من المعجزات ، بل هو ﴿أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ وأقاصيص السابقين وأباطيلهم ، وإنما قالوا ذلك القول الشنيع ﴿لِيَحْمِلُوا﴾ على ظهورهم ﴿أَوْزارَهُمْ﴾ وأثقال معاصيهم ﴿كامِلَةً﴾ وبلا نقص ﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾
قيل : إنّ المعنى أنّه يكون عاقبة إضلالهم الناس أنّهم يحملون جميع أوزار أنفسهم ﴿وَ﴾ بعضا ﴿مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾(٦) لأنّ وزر مطاوعته كان عليه ، فانّ الجاهل لا يعذر فيه لتقصيره في البحث والفحص.
ثمّ ذمّ سبحانه ما يحمله بقوله : ﴿أَلا ساءَ﴾ وبئس وزرا وحملا ﴿ما يَزِرُونَ﴾ وما يتحمّلون من الأثقال ، وفيه غاية الزجر عنه.
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٨٣ ، تفسير العياشي ٣ : ٦ / ٢٣٧٣ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣٠.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٧ / ٢٣٧٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣١.
(٣) الكافي ٨ : ١٢٨ / ٩٨ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣١.
(٤ و٥) تفسير الرازي ٢٠ : ١٨ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٠٧.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٢٦.