﴿وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ *
وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٥) و (١٦)﴾
ثمّ استدلّ سبحانه بخلق الجبال وفوائدها وخلق الأنهار والسبل بقوله : ﴿وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ﴾ وجعل عليها جبالا ﴿رَواسِيَ﴾ وثوابت كراهة ﴿أَنْ تَمِيدَ﴾ وتميل الأرض ﴿بِكُمْ﴾ وتضطرب بحيث لا تستقرّون عليها ، أو التقدير لئلّا تميد بكم ﴿وَ﴾ جعل ﴿أَنْهاراً﴾ كثيرة ﴿وَسُبُلاً﴾ مختلفة إلى البلدان والقرى ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ بها إلى مقاصدكم ، أو إلى توحيد جاعلها ﴿وَ﴾ جعل ﴿عَلاماتٍ﴾ وأمارات لتعيين الطرق بالنهار من جبل ومنهل.
وقيل : إنّ جماعة كانوا يشمّون التراب ويتعرّفون السبل (١) .
﴿وَبِالنَّجْمِ﴾ في الليل ﴿هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ في البراري والبحار إلى مقاصدهم. قيل : إنّ المراد جنس النجم (٢) ، وقيل : إنّه الثّريا والفرقدان وبنات النعش والجدي (٣) .
عن الصادق عليهالسلام : « أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الأرض فخرت وقالت : أيّ شيء يغلبني ؟ فخلق الله الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا ، منعتها من أن تميد بما عليها ، فذلّت الأرض وأستقرّت » (٤) .
وعنه عليهالسلام : « أنّ الله جعل الأئمة أركان الأرض أن تميد بأهلها » (٥) .
وعن الباقر عليهالسلام : « لو أنّ الامام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله»(٦).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ هو الجدي لأنّه نجم لا يزول ، وعليه بناء القبلة ، وبه يهتدي أهل البرّ والبحر » (٧) .
وعن الصادق عليهالسلام - في هذه الآية - قال : « لها ظاهر وباطن ، الجدي تبنى عليه القبلة ، وبه يهتدي أهل البرّ والبحر » (٨) .
وعنهم عليهمالسلام : « نحن العلامات ، والنجم رسول الله صلىاللهعليهوآله » (٩) .
أقول : هذا هو الباطن.
﴿أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٢١.
(٢ و٣) تفسير روح البيان ٥ : ٢١.
(٤) الخصال : ٤٤٢ / ٣٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٩.
(٥) الكافي ١ : ١٥٢ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٩.
(٦) إكمال الدين : ٢٠٣ / ٩ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٩.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ٥ / ٢٣٧١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٩.
(٨) تفسير العياشي ٣ : ٦ / ٢٣٧٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٩.
(٩) تفسير العياشي ٣ : ٥ / ٢٣٦٩ ، الكافي ١ : ١٦١ / ٣ ، تفسير القمي ١ : ٣٨٣ ، مجمع البيان ٦ : ٥٤٥ ، تفسير الصافي ٣ :١٢٩.