روي أنّه لمّا نزلت قال النبي صلىاللهعليهوآله : « بعثت أنا والساعة كهاتين » (١) وجمع بين الوسطى والسبابة.
وفي حديث آخر : « مثلي ومثل الساعة كفرسي الرّهان » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « إذا أخبر الله شيئا أنّه كائن ، فكأنّه قد كان » (٣) .
وقيل : إنّ المراد أنّ حكمة [ الله ] تعالى بوقوع العذاب قد أتى وتحقّق ، وإنّما لم يتحقّق المحكوم به لاقتضاء الحكمة وقوعه في وقت معين لم يجئ بعد (٤) .
وروي أيضا أنّ كفّار قريش كانوا يستبطئون نزول العذاب الموعود لهم سخرية بالنبي صلىاللهعليهوآله وتكذيبا لوعده ، وكانوا يقولون : إن صحّ ما تقول من مجيء العذاب ، فالأصنام تشفع لنا وتخلّصنا منه ، فنزلت(٥).
ثمّ نزّه الله تعالى ذاته عن الشريك الدافع لمراده بقوله : ﴿سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ فيدفع ما أراد بهم من العذاب عنهم.
﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ
إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)﴾
ثمّ لمّا كان عمدة شبهة المشركين في نبوة النبيّ صلىاللهعليهوآله إنكارهم إمكان نبوة البشر مع قدرة الله على إرسال الملك ، دفع الله تعالى هذه الشّبهة بقوله : ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ﴾
عن ابن عباس : يريد جبرئيل (٦) وحده ﴿بِالرُّوحِ﴾ والوحي الذي به حياة القلوب.
وعن الباقر عليهالسلام : « يقول بالكتاب والنبوة » (٧) . والقمي رحمهالله : بالقوة التي جعلها فيهم (٨) . وقيل : المراد بالرّوح جبرئيل ، والباء بمعنى مع ، والمعنى ينزّل الملائكة مع جبرئيل (٩) ، ويكون نزولهم صادرا ﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾ وإذنه ﴿عَلى مَنْ يَشاءُ﴾ نزولهم عليه ﴿مِنْ عِبادِهِ﴾ الأنبياء الذين خصّهم الله برسالته.
وعن الباقر عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية ، فقال : « جبرئيل الذي نزل على الأنبياء ، والرّوح يكون معهم ومع الأوصياء لا يفارقهم ، يفقّههم ويسدّدهم من عند الله » (١٠) .
وقال بعض مفسري العامّة : ما ينزل ملك إلّا ومعه الرّوح ، يكون الرّوح رقيبا عليه كما يكون
__________________
(١ و٢) تفسير روح البيان ٥ : ٣.
(٣) تفسير العياشي ٣ : ٣ / ٢٣٦٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٦.
(٤) تفسير الرازي ١٩ : ٢١٨.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٢.
(٦) تفسير الرازي ١٩ : ٢١٩.
(٧ و٨) تفسير القمي ١ : ٣٨٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٧.
(٩) تفسير الرازي ١٩ : ٢٢٠.
(١٠) بصائر الدرجات : ٤٨٣ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٧.