لم ينقطع الدم عنه حتى مات (١) ، وكان جميع ذلك في يوم واحد.
القمي رحمهالله ، قال : نزلت بمكة بعد أن نبّئ رسول الله صلىاللهعليهوآله بثلاث سنين ، وكان المستهزئون برسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطّلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحارث بن طلاطلة الخزاعي (٢) .
عن الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام : « فأمّا المستهزئون فقال الله : ﴿إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ فقتل الله خمستهم ، كلّ واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد ، فأمّا الوليد بن المغيرة فمرّ بنبل لرجل من خزاعة قد راشه (٣) ووضعه في الطريق ، فأصابته [ شظية ] منه فانقطع أكحله حتى أدماه ، فمات وهو يقول : قتلني رب محمّد ، وأمّا العاص بن وائل السّهمي فانّه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده تحته حجر فسقط ، فتقطّع قطعة قطعة ، فمات وهو يقول : قتلني ربّ محمّد ، وأمّا الأسود بن عبد يغوث فانّه خرج يستقبل ابنه زمعة فاستظلّ بشجرة ، فأتاه جبرئيل فأخذ رأسه فنطح به الشجرة ، فقال لغلامه : امنع هذا مني ، فقال : ما أرى أحدا يصنع شيئا إلّا نفسك ، فقتله وهو يقول : قتلني ربّ محمّد ، وأمّا الأسود بن المطّلب (٤) فانّ النبي صلىاللهعليهوآله دعا عليه أن يعمي [ الله ] بصره وأن يثكله ولده ، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع ، فأتاه جبرئيل بورقة خضراء ، فضرب بها وجهه فعمي ، وبقي حتى أثكله الله ولده ، وأمّا الحارث بن طلاطلة (٥) فإنّه خرج من بيته في السّموم فتحوّل حبشيا ، فرجع إلى أهله فقال : أنا الحارث ، فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول : قتلني ربّ محمّد»(٦).
وروي « أنّ الأسود بن عبد يغوث (٧) أكل حوتا مالحا فأصابه العطش ، فلم يزل يشرب الماء حتى انشقّ بطنه ، فمات وهو يقول : قتلني ربّ محمّد. كل ذلك في ساعة واحدة ، وذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالوا : يا محمّد ، ننتظر بك إلى الظهر ، فان رجعت عن قولك وإلّا قتلناك ، فدخل النبي صلىاللهعليهوآله منزله فأغلق عليه بابه مغتمّا لقولهم ، فأتاه جبرئيل عن الله في ساعته فقال : يا محمّد ، السّلام يقرئك السّلام ، وهو يقول : ﴿فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ يعني أظهر أمرك لأهل مكّة وادعهم إلى الإيمان. فقال : يا جبرئيل ، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني ؟ قال : ﴿إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ قال : يا جبرئيل ، كانوا الساعة بين يدي ؟ قال : كفيتهم ، فأظهر أمره عند ذلك » (٨) .
وفي رواية : « فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله فقام على حجر فقال : يا معشر قريش ، يا معشر العرب ، أدعوكم إلى
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٤٩٢.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٧٨ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٣.
(٣) راش النبل : ركب عليه الريش.
(٤) في الاحتجاج : الأسود بن الحارث.
(٥) في الاحتجاج : الحارث بن أبي الطلالة.
(٦) الاحتجاج : ٢١٦ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٣.
(٧) في الاحتجاج : الأسود بن الحارث.
(٨) الاحتجاج : ٢١٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٢٣.