﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ﴾(١) .
﴿وَما نُنَزِّلُهُ﴾ ولا نوجده ﴿إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ وحدّ معين تقتضيه الحكمة. وقيل : إنّ المراد بالخزائن المطر (٢) ، حيث إنّه تعالى بعد بيان إعطائه المعاش ذكر المطر الذي هو سببه وأنّه عنده ، أي بأمره وتدبيره وحكمته ، وما ينزّله إلّا بحدّ معين.
القمي : الخزائن الماء الذي ينزل من السماء ، فينبت لكلّ ضرب من الحيوان ما قدّر الله له من الغذاء (٣) .
عن ابن عباس : يريد قدر الكفاية (٤) .
قيل : إنّ الله ينزل المطر كلّ عام بقدر معلوم غير أنّه يصرفه إلى من شاء كما شاء حيث شاء (٥).
أقول : يبعد كون المراد لذكره تعالى الرياح والمطر بقوله : ﴿وَأَرْسَلْنَا﴾ إليكم ﴿الرِّياحَ﴾ التي تكون ﴿لَواقِحَ﴾ ومحبلات للشجر وللسحاب (٦) ، كما عن ابن عبّاس (٧) .
وعن ابن مسعود - في تفسير الآية - : يبعث الله الرياح لتلقح السحاب فتحمل الماء ، وتمجّه في السّحاب ، ثمّ أنّه يعصر السّحاب ويدرّه كما تدرّ اللّقحة (٨) .
القمي : تلقح الأشجار (٩) .
وقيل : إنّ اللواقح بمعنى الحاملات ، فانّ الريح تحمل السّحاب والماء (١٠) .
وقيل : إنّه بمعنى آتيان بالخير ، كما يقال لما لا خير له عقيم (١١) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تسبّوا الرياح فإنّها بشر ، وإنّها نذر ، وإنها لواقح ، فاسألوا الله من خيرها ، وتعوّذوا به من شرها » (١٢) .
﴿فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ﴾ بعد إنشاء السّحاب الماطر بالرياح ﴿ماءً﴾ مباركا نافعا ﴿فَأَسْقَيْناكُمُوهُ﴾ وأشربناكموه ، وأشربناه مواشيكم وضياعكم. قيل : هو أفصح (١٣) من « سقيناكموه » لدلالته على جعل الماء [ معدّا ] لهم ينتفعون (١٤) به متى شاءوا (١٥) .
__________________
(١) روضة الواعظين : ٤٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٠٥.
(٢) تفسير الرازي ١٩ : ١٧٤ ، تفسير الصافي ٤ : ٤٥٣.
(٣) تفسير القمي ١ : ٣٧٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١٠٥.
(٤ و٥) تفسير الرازي ١٩ : ١٧٤.
(٦) في تفسير الرازي : عن ابن عباس : الرياح لواقح للشجر وللسحاب.
(٧) تفسير الرازي ١٩ : ١٧٥.
(٨) تفسير الرازي ١٩ : ١٧٥ ، واللّقحة : الناقة الحلوب الغزيرة اللبن ، واللّقحة : المرأة المرضعة.
(٩) تفسير القمي ١ : ٣٧٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١٠٥.
(١٠ و١١) تفسير الرازي ١٩ : ١٧٦.
(١٢) تفسير العياشي ٢ : ٤٢٦ / ٢٣١٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٠٥.
(١٣) في تفسير روح البيان : أبلغ.
(١٤) في تفسير روح البيان : يرتفقون.
(١٥) تفسير روح البيان ٤ : ٤٥٤.