يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٨) و (٢٩)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان فوائد كلمة التوحيد وضرر كملة الشرك بضرب المثل ، أظهر التعجّب من الذين هيّأ لهم أسباب الهداية إلى التوحيد ودين الحقّ ومع ذلك اختاروا الكفر والشّرك بقوله : ﴿أَ لَمْ تَرَ﴾ يا محمّد ، ولم تنظر ﴿إِلَى﴾ المشركين ﴿الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ﴾ التي أنعمها عليهم والهداية التي رزقهم ، ببعث محمّد صلىاللهعليهوآله فيهم بالرسالة ، وإنزال القرآن عليهم ، فأبوا عن قبولها ، واختاروا مكانها ﴿كُفْراً﴾ بالله ووحدانيته.
وقيل : يعني بدّلوا شكر نعمة الله كفرا بأن وضعوه مكانه ، أو بدّلوا نفس النعمة كفرا ، فانّهم لمّا كفروها سلبت منهم ، فصاروا فاقدين لها ، وواجدين للكفر بدلها (١) .
قيل : نزلت في أهل مكة حيث أسكنهم الله حرمه ، وجعلهم قوّام بيته ، ووسّع عليهم أبواب رزقه ، وشرّفهم بمحمد صلىاللهعليهوآله فكفروا ذلك وقحطوا سبع سنين ، وقتلوا واسروا يوم بدر ، فصاروا أذلاء مسلوبي النعمة (٢) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « هم الأفجران : بنو المغيرة ، وبنو امية ، أما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر ، وأمّا بنو امية فمتّعوا إلى حين » (٣) .
وفي ( المجمع ) : سأل رجل أمير المؤمنين عليهالسلام عن هذه الآية فقال : « هما الأفجران من قريش : بنو امية ، وبنو المغيرة ، فأمّا بنو امية فمتعّوا الى حين ، وأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « نزلت في الأفجرين من قريش : بنو المغيرة ، وبنو اميّة ، فأمّا بنو المغيرة فقطع الله دابرهم [ يوم بدر ] ، وأمّا بنو اميّة فمتّعوا إلى حين » (٥) .
﴿وَأَحَلُّوا﴾ وأنزلوا ﴿قَوْمَهُمْ﴾ باضلالهم عن الحقّ ﴿دارَ الْبَوارِ﴾ والهلاك ، وهي ﴿جَهَنَّمَ﴾ وهم ﴿يَصْلَوْنَها﴾ ويدخلون فيها مقاسين لحرّها ﴿وَبِئْسَ الْقَرارُ﴾ والمستقرّ جهنّم.
عن الباقر عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية ، فقال : « ما يقولون في ذلك ؟ » قيل : يقولون : هما الأفجران من قريش : بنو اميّة ، وبنو المغيرة. فقال : « هي والله قريش قاطبة ، إنّ الله تعالى خاطب به نبيّه صلىاللهعليهوآله فقال : إنّي فضلت قريشا على العرب ، وأتممت عليهم نعمتي ، وبعثت إليهم رسولي ، فبدّلوا نعمتي كفرا ، وأحلّوا قومهم دار البوار » (٦) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٤١٨.
(٢) تفسير روح البيان ٤ : ٤١٨.
(٣) تفسير روح البيان ٤ : ٤١٨.
(٤) مجمع البيان ٦ : ٤٨٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٧.
(٥) تفسير القمي ١ : ٣٧١ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٧.
(٦) الكافي ٨ : ١٠٣ / ٧٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٧.