عن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل عن الشجرة في هذه الآية ، فقال : « رسول الله صلىاللهعليهوآله أصلها ، وأمير المؤمنين فرعها ، والأئمة من ذريتهما أغصانها ، وعلم الأئمة ثمرتها ، وشيعتهم المؤمنون ورقها ، والله إنّ المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها ، وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها » (١) .
وفي رواية ( الاكمال ) : « والحسن والحسين ثمرها ، والتسعة من ولد الحسين أغصانها » (٢) .
وفي رواية ( المعاني ) : « وغصن الشجرة فاطمة ، وثمرها أولادها ، وورقها شيعتها » (٣) . وزاد في ( الاكمال ) : ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ﴾ ما يخرج من علم الامام إليكم في كلّ سنة من كلّ فجّ عميق»(٤).
أقول : هذه الروايات في بيان تأويل الآية ، فلا منافاة بينها.
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦)﴾
ثمّ أنه تعالى بعد ضرب المثل للقول الحقّ وكلمة التوحيد ضرب مثلا للقول الباطل وكلمة الشرك والكفر بقوله : ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ قبيحة باطلة تصدر من الشقي ، وهي كلمة الشرك والكفر في قباحة الصورة ، وسوء المنظر ، ونتن الرائحة ، وكثرة الضرر ، وسرعة الزوال ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ قبيحة الصورة والمنظر ، كريهة الرائحة ، ضارة الثمرة كالحنظل ، غير ضاربة بعروقها في الأرض بحيث ﴿اجْتُثَّتْ﴾ وانقلعت ﴿مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ﴾ لعدم رسوخ عروقها فيها ، فلذا ﴿ما لَها﴾ شيء ﴿مِنْ قَرارٍ﴾ وثبات فيها بحيث تقلع وتزول من محلّها بأخفّ تحريك.
قيل : إنّ الله شبّه الايمان بالشجر ؛ لأنّ الشجر لا بدّ له من أصل ثابت وفرع قائم ورأس عال ، فكذا الايمان لا بدّ له من تصديق في القلب ، وإقرار (٥) باللسان ، وعمل بالاركان (٦) . وشبّه الكفر وعبادة الأصنام التي لا حجّة عليها ولا ينتفع بها بشجرة الحنظل التي لا أصل لها حتّى يكون لها قرار ولا نفع معتدّ به لها.
عن الباقر عليهالسلام : « كذلك الكافرون لا تصعد أعمالهم إلى السماء » (٧) الخبر.
﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ
اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧)﴾
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٥٥ / ٨٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٥.
(٢) إكمال الدين : ٣٤٥ / ٣٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٥.
(٣) معاني الأخبار : ٤٠٠ / ٦١ ، وفيه : وورقها شيعتنا ، تفسير الصافي ٣ : ٨٥.
(٤) إكمال الدين : ٣٤٥ / ٣٠ ، وفيه : من حج وعمرة ، تفسير الصافي ٣ : ٨٥.
(٥) في تفسير روح البيان : قول.
(٦) تفسير روح البيان ٤ : ٤١٥ ، وفيه : وعمل بالابدان.
(٧) تفسير القمي ١ : ٣٦٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٨٦.