بَعْضَهُ﴾ المخالف لشرائعهم.
عن ابن عباس : آمن اليهود بسورة يوسف ، وكفر المشركون بجميعه (١) .
وقيل : إنّ المراد من الكتاب القرآن ، فالمعنى أنّ أهل القرآن يفرحون بما انزل على محمد صلىاللهعليهوآله من التوحيد والعدل والنبوة والبعث والأحكام والقصص ، ومن الأحزاب : الجماعات [ من ] اليهود والنصارى (٢) ، والمشركين فانّهم يؤمنون ببعض القرآن من إثبات الله وإثبات علمه وقدرته وقصص الأنبياء ، وينكرون بعضه من توحيده وعدم الولد له وغيرهما ممّا يخالف عقائدهم وأحكامهم.
ثمّ أنّه تعالى بعد إثبات المبدأ وتوحيده ، أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بالدعوة إليه ، وصرف الناس عن مطلق الشرك بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمّد للناس ﴿إِنَّما أُمِرْتُ﴾ من قبل ربّي ﴿أَنْ أَعْبُدَ اللهَ﴾ واطيعه في أحكامه ﴿وَلا أُشْرِكَ بِهِ﴾ شيئا من خلقه من الشمس والقمر والكواكب والأصنام وغيرها من الموجودات ، وأنا على حسب وظيفة رسالتي ﴿إِلَيْهِ﴾ تعالى خاصة ﴿أَدْعُوا﴾ الناس كلّهم ، أو المراد أخصّه بالدعاء إليه ، ولا أدعو معه غيره ﴿وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ كلّ أحد منّي ومنكم للحساب والجزاء.
وقيل : إنّ المراد إنّما امرت فيما انزل إليّ بأن أعبد الله وأوحّده ، وهو العمدة في الدين ، ولا سبيل لكم إلى إنكاره ، وأمّا ما تنكرونه من الأحكام المخالفة لشرائعكم ، فليس ببدع مخالفة الشرائع والكتب الإلهية في جزئيات الأحكام ، وأنا إلى توحيده أدعو العباد وأقول : ﴿إِلَيْهِ مَآبِ﴾ وهذا هو المتّفق عليه بين الأنبياء ، وأما ما عدا ذلك من الفروع فمما يختلف بالأعصار والامم ، فلا معنى لإنكار المخالف فيه(٣) .
﴿وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧)﴾
ثمّ قرّر هذا المعنى وأوضحه بقوله : ﴿وَكَذلِكَ﴾ والمراد كما أنزلنا على الرسل الذين كانوا قبلك كتابا بلسان اممهم فيه جميع أحكام شريعتهم ، كذلك آتيناك القرآن و﴿أَنْزَلْناهُ﴾ عليك حال كونه محتويا (٤) لجميع الأحكام التي يحتاج إليها الناس ، صحّ أن يقال : إنّ هذا الكتاب بنفسه يكون ﴿حُكْماً﴾ في كلّ شيء.
وقيل : إنّ المعنى أنّه محكم لا يقبل النسخ والتغيير (٥) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٣٨٢.
(٢) تفسير الرازي ١٩ : ٦٠.
(٣) تفسير روح البيان ٤ : ٣٨٢.
(٤) في النسخة : لا حتوائه.
(٥) تفسير روح البيان ٤ : ٣٨٣.