الرحمن إلّا رحمن اليمامة ، يريدون مسيلمة الكذّاب (١) . فأمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله بردّهم بقوله : ﴿قُلْ﴾ لهم ﴿هُوَ رَبِّي﴾ وخالقي ومتولّي اموري ﴿لا إِلهَ إِلَّا هُوَ﴾ ولا معبود سواه ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ في جميع اموري ، وبه اعتمدت في العصمة من شركم والنّصرة عليكم ﴿وَإِلَيْهِ﴾ لا إلى غيره ﴿مَتابِ﴾ ومرجع ، فيرحمني وينتقم لي منكم ، ويثبّتني على مصابرتكم وأذاكم.
﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ
الْأَمْرُ جَمِيعاً أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا
يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى
يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ * وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ
فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣١) و (٣٢)﴾
ثم بيّن الله سبحانه عظمة شأن القرآن والكتاب الذي أنزله عليه وأوحاه إليه بقوله : ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً﴾ كانت له الآثار العظيمة في العالم حتّى أنّه ﴿سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ﴾ بعد ما قلعت به من أماكنها ﴿أَوْ قُطِّعَتْ﴾ وانشقّت ﴿بِهِ الْأَرْضُ﴾ فجعلت أنهارا وعيونا ، أو تطوى به الأرض ، ويسار به إلى البلدان ﴿أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى﴾ بعد إحيائهم به ، لكان ذلك هذا القرآن ، لوجود تلك الآثار العظيمة له ، أو لما آمنوا به ، ولا استبعاد لوجود هذه الآثار لكلام الله ، فانه قادر على هذه الامور وترتيبها على كلامه.
﴿بَلْ لِلَّهِ﴾ الخالق لجميع الأشياء ﴿الْأَمْرُ﴾ من التصرّف والتغيير في الموجودات والقدرة على ما أراد ﴿جَمِيعاً﴾ إن شاء فعل ، وإن لم يشأ لم يفعل.
روي أنّ أهل مكة قعدوا في فناء الكعبة ، فأتاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وعرض عليهم الإسلام ، فقال له عبد الله بن امية المخزومي : سيّر لنا جبال مكة حتى ينفسح المكان علينا ، واجعل لنا فيها أنهارا نزرع فيها ، أواحي لنا بعض أمواتنا لنسألهم أحقّ ما تقول أم باطل ، فقد كان عيسى يحيي الأموات ، أو سخّر لنا الريح حتى نركبها ونسير في البلاد ، فقد كانت الريح مسخّرة لسليمان ، فلست بأهون على ربّك من سليمان ، فنزلت هذه الآية (٢) .
عن الكاظم عليهالسلام : « قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي (٣) تسيّر به الجبال ، وتقطع به البلدان ، وتحيى به الموتى » (٤) .
__________________
(١) تفسير الرازي ١٩ : ٥٢ ، تفسير روح البيان ٤ : ٣٧٥.
(٢) تفسير الرازي ١٩ : ٥٢.
(٣) زاد في الكافي : فيه ما.
(٤) الكافي ١ : ١٧٦ / ٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٧١.