غصن منها ، لا يخطر على قلبه شهوة شيء إلّا أتاه به ، ولو أن راكبا مجّدا سار في ظلّها مائة عام ما خرج منه ، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتّى يسقط هرما ، ألا ففي هذا فارغبوا » (١) .
وفي رواية اخرى عنه عليهالسلام ، قال : « أصلها في دار عليّ بن أبي طالب عليهالسلام » (٢) .
وعن الكاظم عليهالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنّه سئل عن طوبى ، قال : شجرة أصلها في داري ، وفرعها على أهل الجنّة. ثمّ سئل عنها مرّة اخرى فقال صلىاللهعليهوآله : في دار عليّ. فقيل له في ذلك فقال : إنّ داري ودار عليّ في الجنّة بمكان واحد » (٣) .
أقول : يمكن أن يقال شجرة طوبى صورة مثالية لدين الإسلام ، فانّ مبدأها ومنشأها الرسول وأمير المؤمنين عليهماالسلام ، ثمّ انبسط منهما في قلوب المؤمنين ، وكان انتفاع المؤمنين وسعادتهم الأبدية وحظوظهم به.
وقيل : إنّ طوبى اسم الجنّة (٤) . وقيل : إنّ طوبى مشتقّ من طاب كبشرى (٥) .
عن ابن عباس : المعنى فرح وقرّة عين لهم. وعن عكرمة : نعم مالهم. وعن الضحّاك : غبطة لهم وقيل : يعني حسنى لهم (٦) .
﴿كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
مَتابِ (٣٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان التوحيد والفرق بين الحقّ والباطل وسائر المطالب العالية التي [ هي ] دليل صدق نبوة النبيّ الامّي صلىاللهعليهوآله ، دفع سبحانه استبعاد المشركين نبوته بقوله : ﴿كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ﴾ والتقدير: كما أرسلنا إلى الامم الكثيرة رسلا كثيرة ليتلوا عليهم الكتب المنزلة ، كذلك أرسلناك إرسالا له شأن وفضل ﴿فِي أُمَّةٍ﴾ هي آخر الامم ، كما أنت آخر الرسل ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ ومضت ﴿مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ﴾ كثيرة لتهدي تلك الامّة و﴿لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ﴾ الكتاب العظيم ﴿الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ﴾ بتوسّط جبرئيل ﴿وَ﴾ الحال أنّ ﴿هُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ﴾ والله الواسع الرحمة بحيث وسعت رحمته كلّ شيء.
قيل : كانوا يقولون : إنّ محمدا يدعو إلهين ، يدعو الله ويدعو آخر يسمّى بالرحمن ، ولا نعرف
__________________
(١) الكافي ٢ : ١٨٧ / ٣٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٧٠.
(٢) إكمال الدين : ٣٥٨ / ٥٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٧٠.
(٣) مجمع البيان ٦ : ٤٤٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٧٠.
(٤) تفسير الرازي ١٩ : ٥١.
(٥) تفسير الرازي ١٩ : ٥٠.
(٦) تفسير الرازي ١٩ : ٥٠.