الحقّ ﴿مَنْ يَشاءُ﴾ ضلالته وانحرافه عنه بسبب خذلانه المترتّب على خبث ذاته ورذالة صفاته وسيئات أعماله ﴿وَيَهْدِي﴾ إلى الحقّ ، ويوصل ﴿إِلَيْهِ﴾ بلطفه وتوفيقه ﴿مَنْ أَنابَ﴾ إلى الحقّ وطلبه وأعرض عن العناد واللّجاج.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)﴾
ثمّ وصف سبحانه المهتدين بقوله : ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ووحدانيّته ﴿وَتَطْمَئِنُ﴾ وتسكن ﴿قُلُوبُهُمْ﴾ عند شدائد الدنيا وزلازلها ﴿بِذِكْرِ اللهِ﴾ وتذكّر ألطافه بالمؤمنين ورحمته بالذاكرين ، وكونه وليا لهم ، وناظرا في صلاحهم ، ومحبّا لهم بحيث لا يرضى بمساءتهم.
عن ابن عباس : يريد أنّهم إذا سمعوا القرآن خشعت قلوبهم واطمأنّت. وقيل : إنّ علمهم بكون القرآن معجزا ، يوجب الطّمأنينة لهم بكون محمّد صلىاللهعليهوآله نبيا حقّا من عند الله. وقيل : إنّه اطمأنّت قلوبهم بصدق الله في وعده ووعيده (١) .
﴿أَلا﴾ تنبهّوا أيها النّاس أنّه ﴿بِذِكْرِ اللهِ﴾ والتفكّر في عظمته وقدرته وكرمه ولطفه ورأفته ﴿تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ وتستقرّ الأفئدة من الاضطراب والشكّ بنور اليقين.
عن الصادق عليهالسلام : « بمحمّد صلىاللهعليهوآله تطمئنّ » (٢) .
القمي : الذين آمنوا الشيعة ، وذكر الله أمير المؤمنين والأئمّة عليهمالسلام (٣) .
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذكر حسن حال المؤمنين في الدنيا ، نبّه نبيّه صلىاللهعليهوآله على حسن حالهم في الآخرة بقوله : ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى﴾ التي هي شجرة عظيمة في الجنّة ﴿لَهُمْ﴾ خاصة ﴿وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ ومرجع في الآخرة لهم.
عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : « طوبى شجرة في الجنّة غرسها الله بيده ، تنبت الحلي والحلل ، وإنّ أغصانها لترى من وراء سور الجنّة » (٤) .
روي أن أصل هذه الشجرة في دار النبيّ صلىاللهعليهوآله وفي دار كلّ مؤمن منها غصن (٥) .
عن الصادق عليهالسلام : « طوبى شجرة في الجنّة أصلها في دار النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وليس مؤمن إلّا وفي داره
__________________
(١) تفسير الرازي ١٩ : ٤٩.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٣٩٠ / ٢٢٢٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٧٠.
(٣) تفسير القمي ١ : ٣٦٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٧٠.
(٤) تفسير الرازي ١٩ : ٥٠.
(٥) تفسير الرازي ١٩ : ٥٠.