رجاء أن يتوب (١) .
ونسب إلى ابن عباس أنه قال : إنّ المراد من المعقّبات الحرس والأعوان الذين يكونون حول الملوك والأمراء ليحفظونهم من أمر الله ، والمقصود بعثهم إلى أن يطلبوا الحفظ من الله ، ولا يعوّلوا في دفع البلايا على الأعوان والأنصار (٢) .
ثمّ ذكر سبحانه علّة اخرى لتأخير العذاب بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ﴾ من العافية والنّعم ﴿حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ﴾ من الشكر والأخلاق الحسنة والأحوال الحميدة بالإصرار على الكفر والصفات الرذيلة والأعمال القبيحة.
عن الباقر عليهالسلام : « أنّ الله قضى قضاء حتما لا ينعم على عبده نعمة فيسلبها إيّاه قبل أن يحدث العبد ذنبا يستوجب بذلك الذنب سلب تلك النّعمة ، وذلك قول الله : ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ﴾ إلى آخره (٣) .
وعن السجاد عليهالسلام : « الذنوب التي تغيّر النّعم البغي على الناس ، والزوال عن المعاودة (٤) في الخير واصطناع المعروف [ وكفران النعم ] وترك الشّكر » ثمّ تلا الآية (٥) .
﴿وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ﴾ بسبب سوء عقائدهم وقباحة أعمالهم (٦)﴿سُوْءاً﴾ وعذابا ﴿فَلا مَرَدَّ لَهُ﴾ ولا دافع عنه ﴿وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ﴾ على أمرهم يدفع عنهم ضرّهم وعذابهم المستحقّ.
عن ابن عباس : لم تغن المعقّبات شيئا (٧) .
﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد التخويف بأنّه لا مردّ لعذابه ، ذكر الآيات الدالة على كمال قدرته الجامعة لجهتي النّعمة والنّقمة بقوله : ﴿هُوَ﴾ القادر الحكيم ﴿الَّذِي يُرِيكُمُ﴾ ويظهر لكم ﴿الْبَرْقَ﴾ واللّمعة الحاصلة من السّحاب ، ليحدث في قلوبكم ﴿خَوْفاً﴾ من نزول الصاعقة عليكم ﴿وَطَمَعاً﴾ في نزول المطر النافع لكم.
قيل : إنّ المراد حال كونهم خائفين منه وطامعين فيه (٨) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٣٥٠.
(٢) تفسير الرازي ١٩ : ٢١ و٢٢.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٨٢ / ٢١٩٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٦١.
(٤) في معاني الأخبار وتفسير الصافي : عن العادة.
(٥) معاني الأخبار : ٢٧٠ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٦١.
(٦) في النسخة : عقائده وقباحة أعماله.
(٧) تفسير الرازي ١٩ : ٢٣.
(٨) تفسير الرازي ١٩ : ٢٣.