قيل : يخاف منه من له فيه ضرر كالمسافر ، ومن في خزانه (١) التمر والزّبيب ، ويطمع [ فيه ] من له نفع فيه (٢) .
وعن الرضا عليهالسلام : « خوفا للمسافر ، وطمعا للمقيم » (٣) .
قيل : إنّ البرق مركّب من أجزاء مائية ، وأجزاء هوائية ونارية ، والغالب عليه هو الأجزاء المائية ، ومن الواضح أنّ الماء والنار ضدّان لا يمكن الجمع بينهما إلّا بقدرة الله القادر الحكيم (٤) .
﴿وَ﴾ هو ﴿يُنْشِئُ﴾ ويخلق ﴿السَّحابَ الثِّقالَ﴾ بالماء. القمي : يعني يرفعها من الأرض(٥).
قيل : إنّ السّحاب جسم مركّب من الأجزاء المائية وأجزاء هوائية ، وإنّما يحدث هذا المركّب في الجوّ بقدرة الله (٦) .
وقيل : إنّه أجزاء لطيفة مائية تتصاعد مع الأبخرة إلى الطبقة الباردة من الهواء ، فاذا وصلت إليها بردت فثقلت فرجعت إلى الأرض (٧) .
أقول : قد مرّ بعض الكلام فيه ، وظاهر كثير من الروايات أنّه جسم غير سائر الأجسام ، يحمل الماء من الأرض أو من السماء ، وعلى أي تقدير فهو دالّ على قدرة الله تعالى ، فانّه تعالى جعل لكلّ شيء سببا طبيعيا لتمييز التابع للعقل الناظر إلى ما وراء الطبيعة عمّن قصر نظره إلى الأسباب والمحسوسات ، ولا يتجاوز فكره عنها ، وممّا يدلّ على كونه بقدرة الله تأثير الدعاء في وجوده على ما شوهد بالتجربة.
﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها
مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣)﴾
ثمّ بيّن سبحانه عظمته وكبرياءه بقوله : ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ﴾ مقرونا ﴿بِحَمْدِهِ﴾ وثنائه ﴿وَ﴾ تسبّح ﴿الْمَلائِكَةُ﴾ له ، خاضعين له ﴿مِنْ خِيفَتِهِ﴾ وخشيته لظهور أثر مهابته.
قيل : إنّ الرعد اسم ملك خلق من نور مهابته ، ويطلق على صوته الشديد ، يسوق السّحاب به كما يسوق الحادي الإبل لحدائه ، فاذا سبّح أوقع الهيبة على الخلق كلّهم حتّى الملائكة (٨) .
عن ابن عباس : أنّ اليهود سألت النبيّ صلىاللهعليهوآله عن الرّعد ما هو ؟ فقال : « ملك من الملائكة موكّل
__________________
(١) في تفسير الرازي : وكمن في جرابه.
(٢) تفسير الرازي ١٩ : ٢٤ ، تفسير روح البيان ٤ : ٣٥٢.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٩٤ / ٥١ ، تفسير الصافي ٣ : ٦١.
(٤) تفسير الرازي ١٩ : ٢٤.
(٥) تفسير القمي ١ : ٣٦١ ، تفسير الصافي ٣ : ٦١.
(٦ و٧) تفسير روح البيان ٤ : ٣٥٢.
(٨) تفسير روح البيان ٤ : ٣٥٢.