وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتّى ينتهوا به إلى المقادير ، فيخلّون (١) بينه وبين المقادير » (٢) .
وعن عمرو بن جندب ، قال : كنا جلوسا عند سعيد بن قيس بصفين إذ أقبل عليّ عليهالسلام يتوكأ على عنزة (٣) له بعد ما اختلط الظلام ، فقال سعيد : أأمير المؤمنين. قال : « نعم » قال : أما تخاف أن يغتالك أحد ؟ قال : « إنّه ليس من أحد إلّا ومعه من الله حفظة من أن يتردّى في بئر ، أو يخرّ من جبل ، أو يصيبه حجر ، أو تصيبه دابة ، فإذا جاء القدر خلّوا بينه وبين القدر » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام : « هما ملكان يحفظانه بالليل والنهار (٥) يتعاقبانه » (٦) .
وعن عثمان أنّه قال : يا رسول الله ، أخبرني عن العبد كم معه من ملك ؟ فقال : « ملك عن يمينك يكتب الحسنات ، وهو أمين على الذي على الشمال ، فاذا عملت حسنة كتب عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال لصاحب اليمين : اكتب ، فيقول : لا ، لعلّه يتوب ، فاذا قال ثلاثا قال : نعم اكتب أراحنا الله منه ، فبئس القرين ، ما أقلّ مراقبته لله تعالى واستحياءه منّا ! وملكان من بين يديك ومن خلفك ، فهو قوله تعالى : ﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ وملك قابض على ناصيتك ، فإذا تواضعت لله رفعك ، وإذا تجبّرت قصمك ، وملكان على شفتيك يحفظان عليك صلاتك عليّ ، وملك على فيك لا يدع أن تدخل الحيّة في فيك ، وملكان على عينيك ، فهؤلاء عشرة أملاك على كلّ آدمي ، تبدّل ملائكة الليل بملائكة النّهار ، فهم عشرون ملكا على كلّ آدمي » (٧) .
وعنه عليهالسلام : « يتعاقب فيكم ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر » (٨) .
قيل : فائدة كون الملائكة في جوانبه لحفظه ، ومعه لاحصاء أعماله وكتبها ، أنّ الانسان إذا علم به وعلم جلالة الملك وعلوّ مقامه ، كان إلى الحذر من المعاصي أقرب ، وكذا يكون عظمة الربّ في نظره أجلى ، وفي قلبه أظهر (٩) .
وقيل : إنّ الملائكة يحفظونه من بأس الله ونقمته إذا أذنب بدعائهم له ، ومسألتهم ربّهم أن يمهله
__________________
(١) في مجمع البيان : فيحيلون.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٤٣١ ، تفسير الصافي ٣ : ٦١.
(٣) العنزة : أطول من العصا وأقصر من الرمح ، في أسفلها زجّ كزجّ الرمح ، يتوكّأ عليها.
(٤) تفسير روح البيان ٤ : ٣٥٠.
(٥) في تفسير القمي وتفسير الصافي : بالليل وملكان بالنهار.
(٦) تفسير القمي ١ : ٣٦٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٦٠.
(٧) تفسير الرازي ١٩ : ١٨.
(٨) تفسير الرازي ١٩ : ١٩.
(٩) تفسير الرازي ١٩ : ٢٠.