معدود (١) .
﴿سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ
بِالنَّهارِ (١٠)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في تقرير سعة علمه بقوله : ﴿سَواءٌ﴾ عليكم ومستوفى علمه إن كان ﴿مِنْكُمْ﴾ أيها النّاس ﴿مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ﴾ وأضمره ﴿وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ وأظهره.
عن ابن عباس : سواء ما أضمرته القلوب ، وأجهرت به (٢) الألسنة (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام : « يعني السّر والعلانية عنده سواء » (٤) . وكلّ من أسرّ وجهر ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ﴾ ومستتر ﴿بِاللَّيْلِ﴾ وفي الظلمات ﴿وَ﴾ من هو ﴿سارِبٌ﴾ وبارز ﴿بِالنَّهارِ﴾ وظاهر في الطرقات.
وقيل : المستخفي : الظاهر ، والسارب : المتواري (٥) .
﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ
دُونِهِ مِنْ والٍ (١١)﴾
ثمّ بيّن سبحانه أنّه مع علمه بذاته بأعمال العباد وأحوالهم وقدرته على حفظهم ﴿لَهُ﴾ ملائكة ﴿مُعَقِّباتٌ﴾ من قبله تعالى يتعاقبون في حفظه وكلاءته ويحيطون به ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ في الليل والنهار ، يعدّون عليه أعماله وأقواله ، ويطلّعون على أحواله و﴿يَحْفَظُونَهُ﴾ من الآفات والمهالك ، ويكون حفظهم له ﴿مِنْ﴾ أجل ﴿أَمْرِ اللهِ﴾ وحكمه به وممّا أراده منهم.
وقيل : إنّ معنى ( من ) بمعنى باء ، والمعنى : يحفظونه بأمر الله (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام : « يحفظونه بأمر الله ، ومن ذا الذي [ يقدر أن ] يحفظ الشيء من أمر الله» (٧) .
وعن الباقر عليهالسلام : ﴿مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ يقول : بأمر الله من أن يقع في ركيّ (٨) أو يقع عليه حائط ، أو يصيبه شيء ، حتى إذا جاء القدر خلّوا بينه وبينه ، ويدفعونه إلى المقادير» (٩) .
__________________
(١) تفسير الرازي ١٩ : ١٧.
(٢) في تفسير الرازي : وأضهرته.
(٣) تفسير الرازي ١٩ : ١٧.
(٤) تفسير القمي ١ : ٣٦٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٦٠.
(٥) تفسير الرازي ١٩ : ١٧.
(٦) تفسير الرازي ١٩ : ١٩.
(٧) تفسير القمي ١ : ٣٦٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٦٠.
(٨) الرّكيّ : جنس للرّكيّة ، وهي البئر ، وجمعها : ركايا.
(٩) تفسير القمي ١ : ٣٦٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٦٠.