عن ابن عباس ، وبعضها مرويا عن أئمتنا عليهمالسلام - ففيها إشكالات عظيمة لا يمكن دفعها ، فلذا أعرضنا عن ذكرها ، وأطرحنا تلك الروايات لعدم صحّتها واعتبارها.
﴿لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ
الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذكر قصة يعقوب ويوسف مفصّلا في هذه السورة المباركة ، وذكر قصص سائر الأنبياء فيها مجملا وفي غيرها مفصلا ، بيّن الغرض من ذكرها بقوله : ﴿لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ﴾ وبيان أحوالهم ، وكيفية دعوتهم ومعاملتهم مع اممهم ، ومعارضة اممهم لهم ، وابتلاء المعارضين لهم بالعذاب ﴿عِبْرَةٌ﴾ وعظة وفائدة عظيمة من معرفة الله بالقدرة الكاملة والحكمة البالغة ، وغاية لطفه بعباده الصالحين ، وشدّة قهره على الكفّار والمجرمين ﴿لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾ وذوي العقول السليمة ، فانّهم الذين يعتبرون بها ويستفيدون منها.
ثمّ مدح سبحانه كتابه المجيد المشتمل على تلك القصص بالصدق لتوقّف الاعتبار بها على العلم به بقوله : و﴿ما كانَ حَدِيثاً﴾ وقولا صادرا من البشر ﴿يُفْتَرى﴾ على الله وينسب إليه كذبا ﴿وَلكِنْ﴾ كان ﴿تَصْدِيقَ﴾ مطلق الكتاب ﴿الَّذِي﴾ نزل من السماء ﴿بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ ومن قبل نزوله ، ومطابقا له ، أو سببا لكون الأخبار التي في الكتاب بنزول هذا القرآن في آخر الزمان صدقا ، لأنّه لو لم ينزل لكان جميع تلك الأخبار كذبا ، أو سببا لتصديق الناس نزول الكتب السابقة من الله لثبوت صحّة هذا القرآن المخبر بنزول التوراة والانجيل والزّبور وصحف إبراهيم من السماء ، لاشتمال هذا القرآن على الاعجاز بجهات عديدة دون سائر الكتب ، وانقطاع تواتر كون سائر الكتب نازلا من الله ، فلولا تصديق القرآن المشتمل على الاعجاز لها ، لم يكن لأحد طريق إلى تصديقها وأنّها ممّا أتى بها الرسل.
﴿وَ﴾ في القرآن يكون ﴿تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من امور الدين ، بل تبين جميع ما يحتاج إليه البشر من العلوم والآداب ، لأنّه ما من علم إلّا وفيه أصله ، بل فيه علم ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وإنّما يختصّ استفادتها عنه بالراسخين في العلم ، بل لا يعلمون شيئا إلّا من القرآن ﴿وَ﴾ يكون هو ﴿هُدىً﴾ ورشادا من الضلال لمن استهدى به ، ودلالة إلى جميع الخيرات الدنيوية والاخروية لمن تدبّر فيه واستدلّ به ﴿وَرَحْمَةً﴾ وسببا للفوز بالمراتب العالية من الكمالات الانسانية وبالدرجات الرفيعة من القرب ، وبالنّعم الدائمة والراحة الأبدية ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ به ، العاملون بما فيه ، فالكتاب الذي له هذه الصفات الجليلة والآثار الكريمة والبركات العظيمة ، لا يمكن أن يكون