قيل : إنّ الله تعالى حين أمر موسى بالسير ببني إسرائيل ، أمره أن يحمل عظام يوسف معه حتى يضعها في الأرض المقدّسة (١) .
قيل : إنّه عليهالسلام لمّا أدركته الوفاة أوصى أن يحمل إلى مقابر آبائه ، فمنع أهل مصر أولياءه من ذلك ، وكان نقل موسى عظامه للوفاء بما أوصى به فسأل موسى عمن يعرف موضع قبره ، فما وجد أحدا يعرفه إلّا عجوزا في بني إسرائيل ، فقالت له : يا نبي الله ، أنا أعرف مكانه وأدلّك عليه إن أنت تخرجني معك ولم تخلّفني بأرض مصر. قال : أفعل ذلك.
وقيل : إنّها قالت : أكون معك في الجنّة ، فكأنّه ثقل عليه ذلك فقيل له : أعطها طلبتها فأعطاها ، وقد كان موسى وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع القمر ، فدعا ربّه أن يؤخّر طلوع القمر حتى يفرغ من أمر يوسف ففعل ، فخرجت به العجوز حتى أرته إياه في ناحية من النيل - وقيل : في مستنقع ماء في ناحية [ من ] النيل ، فقالت لهم : أنضبوا وارفعوا عنها الماء ففعلوا ، فقالت : احفروا فحفروا [ وأخرجوه ] .
وقيل : ذهبت بموسى إلى عمود في شاطىء النيل في أصله سكّة من حديد فيها سلسلة مربوطة بصندوق من حديد في وسط النيل ، فاستخرجه موسى وفتح الصندوق ، فوجد صندوقا من مرمر داخلا في ذلك الصندوق الذي من الحديد فأخرجه (٢) .
وقيل : إنّه جاء موسى شيخ له ثلاثماثة سنة ، فقال له : يا نبي الله ، ما يعرف قبر يوسف إلّا والدتي. فقال له موسى : قم معي إلى والدتك ، فقام الرجل ودخل منزله ، وأتى بقفّة فيها والدته ، فقال لها موسى : ألك علم بقبر يوسف ؟ قالت : نعم ، ولا أدلّك على قبره ، إلا إن دعوت الله أن يردّ عليّ شبابي إلى سبع عشرة سنة ، ويزيد في عمري مثل ما مضى ، فدعا لها موسى وقال لها : كم عمرك ؟ قالت : تسعة مائة سنة ، فعاشت ألفا وثمانمائة سنة ، فأدّته إلى (٣) قبر يوسف ، وكان في وسط النيل ليمرّ النيل عليه فيصل إلى جميع مصر ، فيكونوا شركاء في بركته ، فأخصب الجانبان ، وكان بين دخول يوسف مصر إلى يوم خروج موسى أربعمائة سنة (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله أوحى إلى موسى بن عمران ، أن أخرج عظام يوسف من مصر ، فاستخرجه من شاطئ النيل ، وكان في صندوق مرمر ، فحمله إلى الشام ، فلذلك يحمل أهل الكتاب
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٧.
(٢) في تفسير روح البيان : فاحتمله.
(٣) في تفسير روح البيان : فأرته.
(٤) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٨.