بحقائق الأشياء والامور ، يا ﴿فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ وخالقهما بقدرتك وحكمتك ﴿أَنْتَ﴾ مع كمال الصفات ﴿وَلِيِّي﴾ والناظر في صلاحي ومدبّر اموري ﴿فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ﴾ إذن ﴿تَوَفَّنِي﴾ واقبض روحي ، وأخرجني من الدنيا حال كوني ﴿مُسْلِماً﴾ وموحّدا ومطيعا لأحكامك ، مهذّب الأخلاق ، كريم الصفات ، كاملا من جميع الجهات ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ والكمّلين في صفات العبودية ، والراقين في أعلى درجات المعرفة والانسانية من آبائي العظام ، وأوليائك الكرام ، واجعلني في زمرتهم ورفقائهم.
قيل : إنّ الصلاح مرتبة عظيمة جامعة لجميع المراتب الكمالية (١) .
قيل : ما تمنّى الموت نبي غير يوسف (٢) .
وقيل : إنّه عليهالسلام ناجى ربّه بعد ملاقاة أبيه بتلك الكلمات تشكرا لنعم الله عليه (٣) .
وفي رواية عن الهادي عليهالسلام : « فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله لاجتماع شملهم ، أ لم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت : ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾ الآية (٤) .
قيل : إنّ يوسف ذكر رؤياه الناعية لزليخا ، ودعا بالدعاء ، فعلمت أنّ الله يقبل دعاءه ، وأن الأمر يصير إلى الفرقة ، دعت الله أن يعجّل وفاتها قبل وفاة يوسف (٥) .
وقيل : ماتت زليخا قبل وفاة يوسف مدة مديدة ، فحزن عليها ، ولم يتزوج ، ولمّا قربت وفاة يوسف أوصى إلى ولده افرائيم أن يسوس الناس (٦) .
وقيل : إنّ يوسف خرج بأهله وولده وجميع من آمن معه من مصر ، ونزل عليه جبرئيل ، فخرق له من النيل خليجا إلى الفيّوم (٧) ، ولحق به كثير من الناس ، وبنوا هناك مدينتين ، وسمّوهما الحرمين ، وكان يوسف هناك سنين إلى أن مات ، فتخاصم المصريون في مدفنه من جانبي النيل كلّ طائفة أرادوا أن يدفن يوسف في جانبهم تبرّكا بقبره الشريف ، وجلبا للخصب حتّى همّوا بالقتال ، ثمّ تصالحوا على أن يدفن سنة في جانب مصر ، وسنة اخرى في جانب آخر من البدو ، فدفن في الجانب المصري فأخصب ذلك الجانب وأجدب الجانب الآخر من البدو ، ثمّ نقل إلى الجانب البدوي فأخصب ذلك الجانب وأجدب الجانب الآخر المصري ، ثمّ اتفقوا على دفنه في وسط النيل ، وقدّروا ذلك بسلسلة ، وعملوا له صندوقا من مرمر (٨) .
__________________
( ١و٣ ) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٥.
(٤) تفسير القمي ١ : ٣٥٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٩.
(٥) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٦.
(٦) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٧.
(٧) الفيّوم : موضع في مصر ، بينها وبين الفسطاط أربعة أيام.
(٨) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٧.