بالشام إلى جنب أبيه إسحاق ، فنقله يوسف بنفسه في تابوت من ساج فوافق يوم وفاة عيص فدفنا في قبر واحد ، وكانا في بطن واحد ، وكان عمرهما مائة وسبعا وأربعين سنة ، ثمّ عاد إلى مصر ، وعاش بعد أبيه ثلاثا وعشرين سنة ، وكان عمره مائة وعشرين سنة (١) .
عن الصادق عليهالسلام ، قال : « دخل يوسف في السجن وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، ومكث فيها ثماني عشر سنة ، وبقي بعد خروجه ثمانين سنة ، فذلك مائة سنة وعشر سنين » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : أنّه سئل كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر ؟ قال : « عاش حولين » .
قيل : فمن كان الحجة لله في الأرض ، أيعقوب أم يوسف ؟ قال : « كان يعقوب [ الحجة ] ، وكان الملك ليوسف ، فلمّا مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام فدفن في بيت المقدس ، فكان يوسف بعد يعقوب الحجة »
قلت : وكان [ يوسف ] رسولا نبيا ؟ قال : « نعم ، اما تسمع قول الله عزوجل : ﴿وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ﴾(٣) .
أقول : لعلّ الرواية محمولة على أنّ يوسف لم يكن حجّة على جميع الناس ، بل على غير يعقوب ، وإنّما صار حجّة على الجميع بعد موت يعقوب لوضوح أنّه عليهالسلام كان يوحى إليه ، وينزل عليه جبرئيل ، ويكلّمه ويؤنسه ، ولا يكون ذلك إلّا النبيّ والرسول.
قيل : إنّه عليهالسلام لمّا جمع الله شمله ، وبلغ ملكه وأمره إلى الكمال ، علم أنه أشرف إلى الزوال فسأل الله الموت (٤) .
﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي
بِالصَّالِحِينَ (١٠١)﴾
وقيل : إنّه رأى أبيه في المنام ، فقال : يا يوسف ، إنّي مشتاق إلى لقائك فأسرع إليّ إلى ثلاثة أيام. ثمّ انتبه من نومه ودعا إخوته ، وأوصى بوصاياه ، وولي يهودا ملكه ، وأوصى إليه في حقّ أولاده ، ثمّ ناجى ربه وقال : ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي﴾(٥) مقدارا وقليلا ﴿مِنَ الْمُلْكِ﴾ والسلطنة الدنيوية ، وهو ملك مصر ﴿وَعَلَّمْتَنِي﴾ بالالهام والوحي شيئا ﴿مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ﴾ وتعبير الرؤى ، أو قليلا من العلم
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٤.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٤٠٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٠.
(٣) مجمع البيان ٥ : ٤٠٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٥٠.
(٤ و٥) تفسير روح البيان ٤ : ٣٢٤.