له : لم رجعت ؟ قال : إنّك اتّخذت أخي رهينة ، فخذني معه ، فجعله عند أخيه ، وأحسن إليهما.
وعن الصادق عليهالسلام قال : « فرجع إخوة يوسف إلى أبيهم ، وتخلّف يهودا ، فدخل على يوسف يكلّمه في أخيه حتّى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا ، وكان على كتفه شعره إذا غضب قامت الشعرة ، فلا تزال تقذف بالدم حتّى يمسّه بعض ولد يعقوب ، وكان بين يدي يوسف ابن له صغير في يده رمّانه من ذهب يلعب بها ، فلمّا رآه يوسف قد غضب وقامت الشعره تقذف بالدم ، أخذ الرمّانة من يد الصبيّ ، ثمّ دحرجها نحو يهودا ، وتبعها الصبيّ ليأخذها ، فوقعت يده على يد يهودا فذهب غضبه ، فارتاب يهودا ، ورجع الصبيّ بالرّمّانه إلى يوسف ، ثمّ عاد يهودا إلى يوسف فكلّمه في أخيه حتّى ارتفع الكلام بينهما ، حتى غضب يهودا ، وقامت الشعرة ، فجلعت تقذف بالدم ، فلمّا رأى ذلك يوسف دحرج الرمّانة نحو يهودا ، وتبعها الصبيّ ليأخذها ، فوقعت يده على يد يهودا ، فسكن غضبه ، فقال يهودا : « إنّ في البيت معنا بعض ولد يعقوب ، حتّى صنع ذلك ثلاث مرات » (١) الخبر.
﴿قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً
إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ
عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٣) و (٨٤)﴾
ثمّ إن الإخوة التسعة لمّا دخلوا على يعقوب وأخبروه بقضية بنيامين حسبما لقّنهم يهودا ﴿قالَ﴾ لهم يعقوب على ما روى : هبوا أنّه سرق ، ولكن كيف عرف الملك أنّ شرع بني إسرائيل أنّ من سرق يسترق (٢) ؟ فما كنتم بريئين من التقصير في حقّه ﴿بَلْ سَوَّلَتْ﴾ واحتالت ﴿لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً﴾ عظيما ، وهو تهمة بنيامين بالسرقة مع أنّه بريء ، أو إخراجه معكم إلى مصر بظنّ النفع فترتب عليه هذا الضرر ، أو فتواكم عند الملك بأنّ جزاء السارق استرقاقه ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ لا شكوى فيه إلى الخلق ، تكليفي ووظيفتي.
قيل : لمّا أخبروا أبيهم بالواقعة بكى ، وقال : يا بنيّ لا تخرجون من عندي مرة إلّا ونقص بعضكم ، ذهبتم مرة فنقص يوسف ، وفي الثانية نقص شمعون ، وفي هذه المرة نقص كبيركم روبيل - أو يهودا - وبنيامين ، ثمّ بكى وقال : ﴿عَسَى اللهُ﴾ وأرجو منه ﴿أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً﴾(٣) لحسن ظنّي برحمته ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ﴾ بشدّة حزني وغاية ضعفي ﴿الْحَكِيمُ﴾ في فعاله ، لا يفعل بعبده إلّا ما هو عين
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٤٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧.
(٢) تفسير الرازي ١٨ : ١٩٠.
(٣) تفسير الرازي ١٨ : ١٩١.