﴿قالَ﴾ يوسف ﴿مَعاذَ اللهِ﴾ لا يمكن ﴿أَنْ نَأْخُذَ﴾ بالعبودية أو بالحبس أحدا ﴿إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا﴾ وصواعنا ﴿عِنْدَهُ﴾
القمي : قال ﴿إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ﴾ ولم يقل : إلا من سرق متاعنا (١) ، لأنّ أخذه إنما كان بقضية شرعكم وفتواكم ، فلو أخذنا البريء بدلا عن المجرم ولو برضاه ﴿إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ﴾ في حكمكم وشرعكم وليس لنا ذلك ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا﴾ من يوسف وانقطع رجاءهم ﴿مِنْهُ﴾ بالكلية في تخليص بنيامين ﴿خَلَصُوا﴾ وانفردوا من غيرهم حال كونهم ﴿نَجِيًّا﴾ ومسرين في التشاور في تدبير رجوعهم إلى أبيهم واعتذارهم عنده من عدم ردّ بنيامين إليه مع كونهم مضطرّين إلى الرجوع لشدّة انتظارهم وكمال حاجة أهليهم إلى الطعام.
ولمّا رأى بعضهم رجوعهم بالاتفاق ﴿قالَ كَبِيرُهُمْ﴾ في السنّ - وهو روبيل ، أو في الرياسة وهو شمعون ، أو في العقل وهو يهودا (٢) ، أو لاوي على قول القمي (٣) - إنكارا عليهم الرجوع بالاتفاق : ﴿أَ لَمْ تَعْلَمُوا﴾ يا إخواني ولم تتيقّنوا ﴿أَنَّ أَباكُمْ﴾ أبى أن يأذن في أن يسافر بنيامين معكم إلى مصر حتى أن ﴿قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً﴾ وعهدا أكيدا بالحلف المأذون فيه ﴿مِنَ اللهِ﴾ على أن ترجعوا إليه ابنه ولا تغدروه ﴿وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ﴾ وقصّرتم ﴿فِي﴾ العهد على إرجاع ﴿يُوسُفَ﴾ ولم تغنوا به ولم تحفظوه فيه.
عن ابن عباس : لمّا قال يوسف : معاذ الله أن نأخذ إلّا من وجدنا متاعنا عنده ، غضب يهودا ، وكان إذا غضب يقوم شعره على جسده (٤) .
وفي رواية القمي : [ وكانوا ولد يعقوب إذا غضبوا خرج من ثيابهم شعر و] يقطر من رؤوسهم (٥) دم أصفر (٦) .
قال ابن عباس : وإذا صاح فلا تسمع صوته حامل إلّا وضعت ، ولا يسكن غضبه حتى يضع بعض آل يعقوب يده عليه. فقال لبعض إخوته : أكفوني (٧) أهل مصر ، وأنا اكفيكم الملك. فقال يوسف عليهالسلام لابن صغير له : مسّه فمسّه فذهب غضبه ، وهمّ أن يصيح فركض (٨) يوسف عليهالسلام رجله على الأرض ، وأخذ بملابسه وجذبه فسقط ، فعنده قال : ﴿يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ*﴾ إلى آخره.
فلمّا أيسوا من قبول الشفاعة ، تذاكروا وقالوا : إن أباكم قد أخذ عليكم موثقا عظيما من الله ، وأيضا
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٤٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦.
(٢) تفسير روح البيان ٤ : ٣٠٣.
(٣) تفسير القمي ١ : ٣٤٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧.
(٤) تفسير الرازي ١٨ : ١٨٨.
(٥) في النسخة : رؤوسها.
(٦) تفسير القمي ١ : ٣٤٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦.
(٧) زاد في تفسير الرازي : اسواق.
(٨) ركض : رفس.