أخانا ، أو لأصيحنّ صيحة تضع منها الحوامل في مصر ، وقامت شعور جسده ، فخرجت من ثيابه ، وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لا يطاقون خلا أنّه إذا مسّ من غضب واحد منهم سكن غضبه ، فقال يوسف لابنه : قم إلى جنبه فمسّه - وفي رواية ، قال : خذ بيده فمسّه - فسكن غضبه. فقال روبيل : إن هنا لبذرا من بذور يعقوب. فقال يوسف : من يعقوب (١) .
﴿قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ
الْمُحْسِنِينَ (٧٨)﴾
روي أنّه غضب ثانيا فقام إليه يوسف فركضه برجله ، وأخذ بتلابيبه ، فوقع على الأرض ، فقال : أنتم معشر العبرانيين تظنّون أن لا أحد أشدّ منكم ، فلمّا رأوا أن لا سبيل لهم إلى تخليص بنيامين خضعوا (٢) ليوسف و﴿قالُوا﴾ استعطافا ﴿يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ﴾ في كنعان ﴿أَباً﴾ يكون ﴿شَيْخاً كَبِيراً﴾ في السنّ ، أو في القدر والدين بحيث يجب على كلّ أحد رعاية حاله والترحّم عليه ، فانّ له محبة شديدة وانسا تاما بهذا الولد بعد هلاك أخيه من أمه ﴿فَخُذْ أَحَدَنا﴾ استعبادا ﴿مَكانَهُ﴾ وعوضه - أو رهنا - حتى نأتيك بفداء لك ﴿إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ إلينا بالإكرام والمتفضلين علينا بايفاء كيل (٣) الطعام والبذل الكثير وردّ البضاعة فأتمم إحسانك بردّ أخينا.
أو المراد ﴿نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ إلى جميع أهل مملكتك باعتاقهم ورد أموالهم إليهم بعد استرقاقهم وتملّك أموالهم عوض الطعام ، فكن محسنا إلينا أيضا وإلى أبيه الضعيف بإعتاق ولده الذي لا يصبر على فراقه (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام : ﴿إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ إن فعلت » (٥) .
﴿قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ * فَلَمَّا
اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ
مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي
أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ * ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا
إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٧٩) و (٨١)﴾
__________________
(١ و٢) تفسير روح البيان ٤ : ٣٠٢.
(٣) في النسخة : الكيل.
(٤) في النسخة : بفراقه.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ٣٥٠ / ٢١١٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦.