واحد. قال : كم أنتم هاهنا ؟ قالوا : عشرة. قال : فأين الآخر الحادي عشر ؟ قالوا : عند أبيه يتسلّى به من الهالك. قال : فمن يشهد لكم أنّكم لستم بعيون ، وأنّ الذي تقولون حقّ ؟ قالوا : نحن أهل بلاد بعيدة لا يعرفنا هنا أحد ، فأمر أن يعطى كلّ واحد منهم حمل بعير من الحنطة (١) .
﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَ لا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي
الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩)﴾
﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ﴾ وبذل لهم كلّ ما يحتاجون إليه من الزاد ومؤنة السفر ﴿قالَ :﴾ دعوا بعضكم عندي رهينة ﴿ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ﴾ ومعه رسالة من أبيكم على صدقكم ، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون ، فخلّفوه عنده ، ثمّ حثّهم على إتيانه بقوله : ﴿أَ لا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي﴾ واتمّ لكم ﴿الْكَيْلَ﴾ ولا انقص شيئا من حقّ أحد ﴿وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ وأكرم المضيفين.
قيل : إنّه لمّا أعطى كلّ واحد حمل بعير سألوا حملا آخر لبنيامين ، فسألهم عنه قالوا : هو أخونا من أبينا بقي عنده لخدمته. قال يوسف : أنا أعطي على عدد الرؤوس لا عدد البعير ، ثمّ أعطاهم حملا آخر وشرط عليهم أن يأتوا به (٢) .
عن القمي رحمهالله : قال لهم : من أنتم ؟ قالوا : نحن بنو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله الذي ألقاه نمرود في النار فلم يحترق ، وجعلها الله عليه بردا وسلاما. قال : فما فعل أبوكم ؟ قالوا : شيخ ضعيف.
قال : ألكم أخ غيركم ؟ قالوا : لنا أخ من أبينا لا من امّنا. قال : فإذا رجعتم إليّ فأتوني به (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام : « قال لهم يوسف : قد بلغني أنّ لكم أخوين من أبيكم ، فما فعلا ؟ قالوا : أما الكبير منهما فانّ الذئب أكله ، وأمّا الصغير فخلّفناه عند أبيه ، وهو به ضنين ، وعليه شفيق. قال : فإنّي احبّ أن تأتوني به معكم إذا جئتم تمتارون » (٤) .
﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ * قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا
لَفاعِلُونَ * وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا
انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٠) و (٦٢)﴾
ثمّ هدّدهم على التخلّف بقوله : ﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ﴾ وخالفتم عهدكم ﴿فَلا كَيْلَ﴾ من الغلّة ﴿لَكُمْ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٢٨٦.
(٢) تفسير روح البيان ٤ : ٢٨٦.
(٣) تفسير القمي ١ : ٣٤٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٩ / ٢١١٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠.