أنت ؟ ما لي بك معرفة. قالت : زليخا. فقال يوسف : لا إله إلّا الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، أنت بعد في الدنيا [ يا ] رأس الفتنة وأساس البلية ! فقالت : يا يوسف ، أبخلت عليّ بحياة الدنيا ! فبكى يوسف وقال : ما صنع حسنك وجمالك ومالك ؟ قالت : ذهب به الذي أخرجك من السجن وأورثك هذا الملك. فقال لها : ما حاجتك ؟ قالت : أو تفعل ؟ قال : نعم وحقّ شيبة إبراهيم. فقالت : لي ثلاث حاجات : الاولى والثانية أن تسأل الله أن يردّ عليّ بصري وشيابي وجمالي ، فانّي بكيت عليك حتّى ذهب بصري ونحل جسمي. فدعا لها يوسف فردّ الله عليها بصرها وشبابها وحسنها. قالت : والثالثة أن تتزوجني. فسكت يوسف وأطرق رأسه ، فأتاه جبرئيل ، وقال : يا يوسف ، ربك يقرئك السّلام ، ويقول لك : لا تبخل عليها بما طلبت ، فتزوّج بها فانّها زوجتك في الدنيا والآخرة ، فدعا ملك مصر وجميع الأشراف فعقد عليها لنفسه ، ونزلت الملائكة عليه تهنّئه بزواجها ، وقالوا : هنّأك الله بما أعطاك ، فهذا ما وعدك ربّك وأنت في الجب. فقال يوسف : الحمد لله الذي أنعم عليّ وأحسن إلي وهو أرحم الراحمين.
ثمّ قال : إلهي وسيدي أسألك أن تتمّ هذه النعمة ، وتريني وجه يعقوب ، وتقرّ عينه بالنظر إليّ ، وتسهّل لإخوتي طريقا إلى الاجتماع بي ، فانّك سميع الدعاء ، وأنت على كلّ شيء قدير ، وأرسل زليخا إلى بيت الخلوة فاستقبلتها الجواري بأنواع الحليّ والحلل ، فتزيّنت بها ، فلمّا جنّ الليل دخل يوسف عليها ، وقال لها : أ ليس هذا خيرا ممّا كنت تريدين ؟ فقالت : أيّها الصدّيق ، لا تلمني فإنّي كنت امرأة حسناء ناعمة في ملك ودنيا ، وكان زوجي عنينا لا يصل إلى النساء ، وكنت كما جعلك الله في صورة حسنة ، فغلبتني نفسي ، فلما بني بها وجدها عذراء (١) .
وعن الهادي عليهالسلام : « لمّا مات العزيز في السنين الجدبة ، افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتى سألت [ الناس ] فقالوا لها : لو قعدت للعزيز ؟ وكان يوسف يسمّى العزيز. فقالت : أستحي منه ، فلم يزالوا بها حتّى قعدت له [ على الطريق ] ، فأقبل يوسف في موكبه ، فقامت إليه وقالت : سبحان الذي جعل الملوك بالمعصية عبيدا ، وجعل العبيد بالطاعة ملوكا. فقال يوسف لها : أنت تيك ؟ فقالت : نعم. فقال لها : هل لك فيّ رغبة ؟ قالت : دعني بعد ما كبرت أتهزأني ! قال : لا ، [ قالت : نعم ] فأمر بها فحوّلت إلى منزله وكانت هرمه ، فقال لها [ يوسف ] : الست فعلت [ بي ] كذا وكذا ؟ فقالت : إني بليت بثلاثة لم يبل بها أحد. قال : وما هي ؟ قالت : بليت بحبّك ولم يخلق الله لك في الدنيا نظيرا ، وبليت [ بحسني ] بأنّه لم تكن بمصر امرأة أجمل منّي ولا أكثر مالا منّي ، وبليت بزوج عنين. فقال لها يوسف : فما تريدين ؟
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٢٧٩ - ٢٨٢.